×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

«فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إلاَّ اللَّهُ ثُمَّ تَلاَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ [الأنعام: 59] »، مَفَاتِحُ الغَيبِ مَا هِي؟ هِيَ المَذكُورَةُ فِي آخِرِ سُورَةِ لُقمَانَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ [لقمان: 34]، هذِهِ لاَ يَعلَمُها إلاَّ اللهُ، وَمِنهَا أَوَّلُها: عِلمُ السَّاعَةِ؛ أَيْ: قِيامُ السَّاعةِ.

«ثمَّ تَلاَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ [لقمان: 34] الآيَة»، ثمَّ أَدبَرَ، فَقَالَ: «رُدُّوهُ»، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ» نَعَم، قَالَ: «رُدُّوهُ»، يُبيِّن لَهُم: اطْلُبُوا الرَّجُلَ، رَجَعُوا إِلَى الرَّسُولِ، فَقَالُوا: لاَ، لاَ يُوجَدُ أَحدٌ، قَالَ: «فَإِنّه جِبْرِيلُ أَتَاكُم يُعَلِّمُكُم دِينَكُم»، وَفِي بَعضِ الرِّوَاياتِ: «إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ» ([1])، سُبحَانَ اللهِ! شَدِيدُ بَيَاضِ الثّيابِ وَشَديدُ سَوَادِ الشَّعرِ، هَذَا يَدلُّ عَلَى أنَّه مِن أَهلِ المَدِينَةِ، وَلاَ يُرَى عَلَيهِ أثرُ السَّفرِ؛ حتَّى يُقالَ: هَذَا آَتٍ مِن بَعيدٍ، وَلَيْسَ هُو مِن أَهلِ المدِينةِ، لاَ هُو مُسَافرٌ، ولاَ هُو مِن أَهلِ البلَدِ، هذَا عَجِيبٌ، وَلاَ يَعرِفُه أَحدٌ، لَو كَانَ مِن أَهلِ البلَدِ، لَعَرَفُوه، هَذِه غَرائِبٌ، كلُّها غَرَائِبٌ.

قَالَ رحمه الله: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الإِيمَانِ»؛ يَعنِي: البُخَارِي رحمه الله، يَعنِي: نَفسَه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (8).