×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

كَيفَ يكُونُ مُحسِنًا؟ أنْ يَعبُدَ اللهَ كَأنَّه يَرَاهُ؛ يَعنِي: يكُونُ عِندَه يَقِينٌ قَوِيّ بِاللهِ؛ كَأنَّه يَرَى اللهَ سبحانه وتعالى، فَإنْ لَم يَكُن يَرَاه، فَإنَّه يَعتَقِدُ أنَّ اللهَ يَرَاهُ ويُرَاقِبه، هَذِه المَرتَبةُ الثّانِيةُ مِن الإِحسَانِ، المَرتَبةُ الأُولَى: أَنْ يَبلُغَ كَأنَّه يُشَاهِدُ اللهَ عز وجل مِن قُوّةِ اليَقِينِ وَالإِيمَانِ، المَرتَبةُ الثَّانِيةُ: إذَا لَم يَصِلْ إلىَ هَذِه المَرتَبةِ، فَإنَّه يَعلَمُ أنَّ اللهَ يَرَاهُ، فيُحسِنُ العمَلَ، وَيَتأدَّبُ مَعَ اللهِ عز وجل، لأنَّ اللهَ يَرَاه.

«قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»»، هَذِه قُوّةُ اليَقِينِ.

قَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»، أمَّا السَّاعةُ، فَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لَيسَ عِندَه جَوابٌ، لِمَاذَا لَيسَ عِندَه جوَابٌ؟ لأنَّ اللهَ أَخفَاهَا، فَلَم يُطلِعْ عَلَيهَا أَحَدًا، لاَ مَلَكًا مُقرَّبًا، وَلاَ نَبيًّا مُرسَلاً، لاَ يَعلَمُ مَتَى تَقومُ السَّاعةُ إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، أمَّا العِلمُ بِأنَّ السَّاعَةَ سَتقُومُ هَذَا كلٌّ يَعلَمُه مِن المُسلمِين، لَكنَّ وَقتَ القِيامِ، تَحدِيدُ قِيامِ السَّاعَةِ هَذَا لاَ يَعلَمُه إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا تَأۡتِيكُمۡ إِلَّا بَغۡتَةٗۗ يَسۡ‍َٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ [الأعراف: 187]، فَأَخفَاهَا سبحانه وتعالى، وَلِذَلِك جِبْرِيلُ عليه السلام لمَّا سَأَلَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا المَسْئُولُ عَنْهَا»، وهُو محَمَّدٌ، «بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»، وهُو جِبْرِيلُ عليه السلام، كِلاَنَا لاَ يَعلَمُها، أنَا وَأَنتَ لاَ نَعلَمُها، وَهَكذَا يَنبَغِي لِلمسْلمِ إذَا لَم يَكنْ عِندَه جَوَابٌ لِلمَسألَةِ أنْ يَقولَ: اللهُ أعْلمُ.


الشرح