الفَصْلُ الأَوَّلُ
فِي بَيَانِ مَعنى تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ
وَإِقْرَارِ المُشْرِكِينَ بِهِ
****
التَّوْحِيدُ -بِمعناه العَامِّ- هُوَ:
اعْتِقَادُ تَفَرُّدِ اللهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَإِخْلاَصُ العِبَادَةِ
لَهُ، وَإِثْبَاتُ مَا لَهُ مِنَ الأَسْمَاء وَالصِّفَاتِ، فَهُوَ ثَلاَثَةُ
أَنْوَاعٍ:
تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ،
وَتَوْحِيدُ الأَسْمَاء وَالصِّفَاتِ، وَكُلُّ نَوْعٍ لَهُ مَعنى لاَ بُدَّ مِنْ
بَيَانِهِ؛ لِيَتَحَدَّدَ الفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الأَنْوَاعِ:
1-
فَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ:
هُوَ إِفْرَادُ اللهِ تَعَالَى بِأَفْعَالِهِ؛ بِأَنْ
يُعْتَقَدَ أَنَّهُ وَحْدَهُ الخَالِقُ لِجَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ ﴿ٱللَّهُ
خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ﴾
[الزُّمَر: 62].
وَأَنَّهُ الرَّازِقُ لِجَمِيعِ الدَّوَابِّ
وَالآدَمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ؛﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ
رِزۡقُهَا﴾ [هُود: 6].
وَأَنَّهُ مَالِكُ المُلْكِ وَالمُدَبِّرُ لِشُئُونِ
العَالَمِ كُلِّهِ؛ يُوَلِّي وَيَعْزِلُ وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ، القَادِرُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ؛ يُصَرِّفُ اللَّيْل وَالنَّهَارَ، وَيُحْيِي وَيُمِيتُ؛﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ
مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن
تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ
إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٦تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ
ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ
مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ ٢٧﴾ [آل عِمرَان: 26-27].
وَقَدْ نَفَى اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ أَوْ مُعِينٌ، كَمَا نَفَى سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي الخَلْقِ وَالرِّزْقِ؛ قَالَ تَعَالَى: