﴿هَٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ
مِن دُونِهِۦۚ﴾ [لقمَان: 11]، وقَالَ
تَعَالَى: ﴿أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ
رِزۡقَهُۥۚ﴾ [المُلك: 21].
كَمَا أَعْلَنَ انْفِرَادَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ عَلَى
جَمِيعِ خَلْقِهِ فَقَالَ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ
ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ حَثِيثٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ
مُسَخَّرَٰتِۢ بِأَمۡرِهِۦٓۗ أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ
رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
[الأعرَاف: 54].
وَقَدْ فَطَرَ اللهُ جَمِيعَ الخَلْقِ عَلَى الإِقْرَارِ
بِرُبُوبِيَّتِهِ؛ حَتَّى إِنَّ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَعَلَوا لَهُ شَرِيكًا
فِي العِبَادَةِ؛ يُقِرُّونَ بِتَفَرُّدِهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ
ٱلۡعَظِيمِ ٨٦سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧قُلۡ مَنۢ بِيَدِهِۦ
مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ
٨٨سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ ٨٩﴾
[المؤمنون: 86-89].
فَهَذَا التَّوْحِيدُ لَمْ يَذْهَبْ إِلَى نَقِيضِهِ
طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ بَنِي آدَمَ؛ بَل القُلُوبُ مَفْطُورَةٌ عَلَى
الإِقْرَارِ بِهِ؛ أَعْظَمَ مِنْ كَوْنِهَا مَفْطُورَةً عَلَى الإِقْرَارِ
بِغَيْرِهِ مِنَ المَوْجُودَاتِ؛ كَمَا قَالَتِ الرُّسُلُ -فِيمَا حَكَى اللهُ
عَنْهُم-: ﴿أَفِي ٱللَّهِ
شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾
[إبراهيم: 10].
وَأَشْهَرُ مَنْ عُرِفَ تَجَاهلهُ وَتَظَاهُرُهُ
بِإِنْكَارِ الرَّبِّ: فِرْعَوْن، وَقَدْ كَانَ مُسْتَيْقِنًا بِهِ فِي البَاطِنِ؛
كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا
رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ﴾
[الإسرَاء: 102].
وَقَالَ -تَعَالَى- عَنْهُ وَعَنْ قَوْمِهِ: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ﴾ [النَّمل: 14].