﴿وَٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَخۡلُقُونَ شَيۡٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ﴾ [النّحل: 20].
﴿أَفَمَن
يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾
[النّحل: 17].
وَمَعَ هَذَا التَّحَدِّي المُتَكَرِّرِ، لَمْ يَدع
أَحَد أَنَّهُ خَلق شَيْئًا، وَلاَ مُجَرَّدَ دَعْوَى، فَضْلاً عَنْ إِثْبَات
ذَلِكَ؛ فَتَعَيَّنَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الخَالِقُ وَحدَه لاَ شَرِيكَ
لَهُ.
·
اِنْتِظَامُ
أَمْرِ العَالَمِ كُلِّهِ وَإِحْكَامِهِ:
هَذَا أَدلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مُدَبِّرَه إِلَهٌ
وَاحِدٌ، وَرَبٌّ وَاحدٌ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ مُنَازِع؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ
مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۢ
بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ﴾
[المؤمنون: 91].
فَالإِلَهُ الحَقُّ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا
فَاعِلاً، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ سُبْحَانَهُ إِلَهٌ آخَرُ، يُشَارِكُهُ فِي مُلكِهِ
-تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ!- لكان لَهُ خَلق وَفعل، وَحِينَئِذٍ فَلاَ يَرْضَى
شَرِكَةَ الإِلَهِ الآخَرِ مَعَهُ؛ بَلْ إِنْ قَدرَ عَلَى قَهْرِ شَرِيكِهِ
والتفرد بِالمُلْكِ وَالإِلَهِيَّة دُونَه، فَعَل، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى
ذَلِكَ؛ اِنْفَرَدَ بِنَصِيبِهِ فِي المُلْكِ وَالخَلْقِ؛ كَمَا يَنْفَرِدُ
مُلُوكُ الدُّنْيَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِملكِهِ، فَيَحْصُلُ الاِنْقِسَامُ، فَلاَ
بُدَّ مِنْ أَحَد ثَلاَثَةِ أُمُورٍ:
* إِمَّا أَنْ يَقْهَرَ أَحَدُهُمَا
الآخَرَ، وَيَنْفَرِد بِالمُلْكِ دُونَه.
* وَإِمَّا أَنْ يَنْفَرِدَ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَن الآخَرِ بِمُلْكِهِ وَخَلْقِهِ، فَيَحْصُلُ الاِنْقِسَامُ.
* وَإِمَّا أَنْ يَكُونَا تَحْتَ
مَلِكٍ وَاحِدٍ، يَتَصَرَّفُ فِيهِمَا كَيْفَ يَشَاءُ؛ فَيَكُونُ هُوَ الإِلَهَ
الحَقَّ وَهُمْ عَبِيدهُ.
وَهَذَا هُوَ الوَاقِعُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي العَالَمِ اِنْقِسَامٌ وَلاَ خَلَلٌ؛ مِمَّا