* الوَجْهُ الخَامِسُ:
أَنَّ تَأْوِيلَ الصِّفَاتِ عَنْ ظَاهِرِهَا لاَ دَلِيل
عَلَيْهِ؛ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَتفْويِضُ مَعْناهَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ اللهَ
خَاطَبَنَا فِي القُرآنِ بِمَا لاَ نَفْهَمُ مَعْنَاهُ، مَعَ أَنَّهُ أَمَرَنَا
أَنْ نَدْعُوَهُ بِأَسْمَائِهِ، فَكَيْفَ نَدْعُوهُ بِمَا لاَ نَفْهَمُ مَعْناهُ؟!
وَأَمَرَنَا بِتَدَبُّر القُرْآن كُلهِ، فَكَيْفَ يَأْمُرُنَا بِتَدَبُّرِ مَا لاَ
يُفْهَمُ مَعْناهُ؟!
فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَات
أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، عَلَى الوَجْه اللاَّئِقِ بِاللهِ، مَعَ نَفْيِ
مُشَابَهَةِ المَخْلُوقِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشّورى: 11].
فَنَفَى عَنْ نَفْسه مُمَاثَلَةَ الأَشْيَاءِ،
وَأَثْبَتَ لنَفْسِهِ السَّمْعَ وَالبَصَرَ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِثْبَاتَ
الصِّفَاتِ لاَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّشْبِيهُ، وَعَلَى وُجُوبِ إِثْبَاتِ
الصِّفَاتِ مَعَ نَفْيِ المُشَابَهَةِ، وَهَذَا مَعنى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ
وَالجَمَاعَةِ -فِي النَّفْيِ وَالإِثْبَات فِي الأَسْمَاء وَالصِّفَاتِ-: إِثْبَات
بِلاَ تَمْثِيلٍ، وَتَنْزِيه بِلاَ تَعْطِيلٍ.
***
الصفحة 5 / 188