×
عقيدة التوحيد

الفَصْلُ الأَوَّلُ

الاِنْحرَافُ فِي حَيَاةِ البَشَرِيَّةِ

****

خَلَقَ اللهُ الخَلقَ لِعِبَادَتِهِ، وَهَيَّأَ لَهُمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَيْهَا مِنْ رِزْقِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ ٥٧إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ ٥٨ [الذّاريَات: 57-58].

وَالنَّفْسُ بفِطْرَتِهَا إِذَا تُرِكَتْ كَانَتْ مُقِرَّة للهِ بِالإِلهِيَّةِ، مُحبَّة للهِ، تَعْبُدُهُ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئا، وَلَكِنْ يُفْسِدُهَا وَيَنْحَرِفُ بِهَا عَنْ ذَلِكَ مَا يُزَيّنُ لَهَا شَيَاطِينُ الإِنْسِ وَالجِنّ؛ بِمَا يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورا، فَالتَّوْحِيدُ مَرْكُوز فِي الفِطْرَةِ، وَالشّرْكُ طَارِئٌ وَدَخِيلٌ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ [الرُّوم: 30]، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1])، فَالأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ: التَّوْحِيدُ.

وَالدِّينُ الحَقُّ هُوَ الإِسَلاَمُ، وَكَانَ عَلَيْهِ آدَمُ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ ذُرّيَّتِهِ قُرُونا طَوِيلَة؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ِ [البَقَرَة: 213].

وَأَوَّلُ مَا حَدَثَ الشِّرْكُ وَالاِنْحِرَافُ عَن العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ: فِي قَوْمِ نُوح؛ فَكَانَ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ رَسُول إِلَى البَشَرِيَّةِ بَعْدَ حُدُوثِ الشّرْكِ فِيهَا؛ ﴿إِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ [النِّسَاء: 163].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري، رقم (1292)، ومسلم، رقم (2658).