×
عقيدة التوحيد

وَلَيْسَ عِبَادَةً لَهُمْ، بِزَعْمِهمْ، وَنَسُوا أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ المُشْرِكِينَ الأَوَّلينَ؛ حَيْثُ يَقُولونَ: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمَر: 3].

وَمَعَ هَذَا الشِّرْكِ الَّذِي وَقَعَ فِي البَشَرِيَّةِ قَديمًا وَحَدِيثًا، فَالأَكْثَرِيَّةُ منْهُمْ يُؤْمنُونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُشْرِكُونَ فِي العِبَادَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ [يُوسُف: 106].

وَلَمْ يَجْحَدْ وُجُودَ الرَّب إِلاَّ نَزْر يَسِير مِنَ البَشَرِ؛ كَفِرعَوْنَ وَالمَلاَحِدَةِ الدَّهْرِيّينَ، وَالشّيُوعِيّينَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَجُحُودُهُمْ بِهِ مِنْ بَابِ المُكابَرَةِ؛ وَإِلاَّ فَهُمْ مُضْطَرونَ إِلَى الإِقْرَارِ بِهِ فِي بَاطِنِهِمْ وَقَرَارَةِ نُفُوسِهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ [النَّمل: 14].

وَعُقُولُهُمْ تَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ، وَكُلَّ مَوْجُودٍ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مُوجِدٍ، وَأَنَّ نِظَامَ هَذَا الكَوْنِ المُنْضَبِطَ الدَّقِيقَ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مُدَبّرٍ، حَكِيمٍ، قَديرٍ، عَلِيمٍ؛ مَنْ أَنْكَرَهُ، فَهُوَ إِمَّا فَاقِد لِعَقْلِهِ، أَوْ مُكَابِر؛ قَدْ أَلْغَى عَقْلَهُ وَسَفِهَ نَفْسَهُ، وَهَذَا لاَ عِبْرَةَ بِهِ.

***


الشرح