بِالكُلّيَّةِ، وَصَاحِبُهُ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ
مِنَ النَّارِ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ أَهْلَهُ بِصِفَاتِ الشَّرّ كُلّهَا؛ مِنَ
الكُفْرِ، وَعَدَمِ الإِيمَانِ، وَالاِسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ وَأَهْلِهِ،
وَالسّخْرِيَةِ مِنْهُمْ، وَالمَيْلِ بِالكُلّيَّةِ إِلَى أَعْدَاءِ الدِّينِ؛
لِمُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي عَدَاوَةِ الإِسْلاَمِ، وَهَؤُلاَءِ مَوْجُودُونَ
فِي كُلّ زَمَانٍ؛ وَلاَ سِيَّمَا عَنْدَمَا تَظْهَرُ قُوَّةُ الإِسْلاَمِ، وَلاَ
يَسْتَطِيعُونَ مُقَاوَمَتَهُ فِي الظَّاهِرِ؛ فَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ الدُّخُولَ
فِيهِ؛ لأَِجْلِ الكَيْدِ لَهُ وَلأَهْلِهِ فِي البَاطِنِ؛ وَلأَجْلِ أَنْ
يَعِيشُوا مَعَ المُسْلِمِينَ، وَيَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ؛
فَيُظهِرُ المُنَافِقُ إِيمَانَهُ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَاليَوْمِ الآخِرِ؛ وَهُوَ فِي البَاطِنِ مُنْسَلِخٌ مِنْ ذَلِكَ كُلّهِ، مُكَذّبٌ
بِهِ، لاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ، وَلاَ يُؤْمِنُ بِأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ،
أَنْزَلَهُ عَلَى بَشَرٍ، جَعَلَهُ رَسُولاً لِلنَّاسِ، يَهْدِيهِمْ بِإِذْنِهِ،
وَيُنْذِرُهُمْ بَأْسَهُ، وَيُخَوّفُهُمْ عِقَابَهُ.
وَقَدْ هَتَكَ اللهُ أَسْتَارَ هَؤُلاَءِ المُنَافِقِينَ،
وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَجَلَّى لِعِبَادِهِ
أُمُورَهُمْ؛ لِيَكُونُوا مِنْهَا وَمِنْ أَهْلِهَا عَلَى حَذَرٍ، وَذَكَرَ
طَوَائِفَ العَالَمِ الثَّلاَثَ فِي أَوَّلِ البَقَرَةِ: المُؤْمِنِينَ،
وَالكُفَّارَ، وَالمُنَافِقِينَ، فَذَكَرَ فِي المُؤْمِنِينَ أَرْبَعَ آيَات،
وَفِي الكُفَّارِ آيَتَيْنِ، وَفِي المُنَافِقِينَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ آيَةً؛
لِكَثْرَتِهِمْ، وَعُمُومِ الاِبْتِلاَءِ بِهِمْ، وَشِدةِ فِتْنَتِهِمْ عَلَى
الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ؛ فَإِنَّ بَلِيَّةَ الإِسْلاَم بِهِمْ شَدِيدَة جِدّا؛
لأَِنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ إِلَيْهِ وَإِلَى نُصْرَتِهِ وَمُوَالاَتِهِ، وَهُمْ
أَعْدَاؤُهُ فِي الحَقِيقَةِ؛ يُخْرِجُونَ عَدَاوَتَهُ فِي كُلّ قَالَبٍ، يَظُنُّ
الجَاهل أَنَّهُ عِلْم وَإِصْلاَح، وَهُوَ غَايَةُ الجَهْلِ وَالإِفْسَادِ.
وَهَذَا النِّفَاقُ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ:
1- تَكْذِيبُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
2- تَكْذِيبُ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.