كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْر
الجَاهِلِيَّةِ...» ([1])،
وَقَالَ لأَِبِي ذَرّ: «إِنَّكَ امْرُؤٌ
فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» ([2])،
وَنَحْوِ ذَلِكَ». انْتَهَى.
وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ: أَنَّ الجَاهِلِيَّةَ نِسْبَةٌ
إِلَى الجَهْلِ، وَهُوَ عَدَمُ العِلْمِ، وَأَنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
1- الجَاهِلِيَّةُ العَامَّةُ: وَهِيَ مَا كَانَ
قَبْلَ مَبْعَثِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِ انْتَهَتْ
بِبَعْثَتِهِ.
2- جَاهِلِيَّةٌ خَاصَّةٌ بِبَعْض الدُّوَلِ،
وَبَعْضِ البُلْدَانِ، وَبَعْضِ الأَشْخَاصِ: وَهَذِهِ لاَ تَزَالُ
بَاقِيَةً، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ خَطَأُ مَنْ يُعَمّمُونَ الجَاهِلِيَّةَ فِي هَذَا
الزَّمَانِ؛ فَيَقُولُونَ: جَاهِلِيَّةُ هَذَا القَرْنِ، أَوْ جَاهِلِيَّةُ
القَرْنِ العِشْرِينَ، وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ، وَالصَّوابُ أَنْ يُقَالَ:
جَاهِلِيَّةُ بَعْضِ أَهْلِ هَذَا القَرْنِ، أَوْ غَالِبِ أَهْلِ هَذَا القَرْنِ؛
وَأَمَّا التَّعْمِيمُ، فَلاَ يَصِحُّ وَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ بِبَعْثَةِ
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زَالَتِ الجَاهِلِيَّةُ العَامَّةُ.
·
الفِسْقُ:
الفِسْقُ لُغَةً:
الخُرُوجُ، وَالمُرَادُ بِهِ شَرْعًا: الخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللهِ، وَهُوَ
يَشْمَلُ الخُرُوجَ الكُلّيَّ؛ فَيُقَالُ لِلْكَافِرِ: فَاسِقٌ، وَالخُرُوجَ
الجزْئِيَّ؛ فَيُقَالُ لِلْمُؤْمِنِ المُرْتَكِبِ لِكَبِيرَةٍ منْ كَبَائِرِ
الذّنُوبِ: فَاسِقٌ.
فَالفِسْقُ فِسْقَانِ: فِسْقٌ يَنْقُلُ عنِ المِلَّةِ، وَهُوَ الكُفْرُ؛ فَيُسَمَّى الكَافِرُ فَاسِقًا؛ فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ إِبْلِيسَ فَقَالَ: ﴿فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ﴾ [الكهف: 50]، وَكَانَ ذَلِكَ الفِسْقُ مِنْهُ كُفْرًا، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ﴾ [السَّجدَة: 20]؛ يُرِيدُ: الكُفَّارَ؛ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن
([1]) أخرجه: مسلم، رقم (934).