×
عقيدة التوحيد

 بَابِ الخِدَاعِ وَالتَّلْبِيسِ؛ قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله: «وَالكُهَّانُ كَانَ يَكُونُ لأَِحَدِهِمُ القَرِينُ مِنَ الشَّيَاطِينِ؛ يُخْبِرُهُ بِكثِيرٍ مَن المُغَيَّبَاتِ بِمَا يَسْتَرِقُهُ مِنَ السَّمْعِ، وَكَانُوا يَخْلِطُونَ الصّدْقَ بِالكَذِبِ...» إِلَى أَنْ قَالَ: «وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ بِأَطْعِمَةٍ، فَوَاكِهَ وَحَلْوَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ المَوْضِعِ، ومِنْهُمْ مَنْ يَطِيرُ بِهِ الجِنّيُّ إِلَى مَكَّةَ أَوْ بَيْتِ المَقْدِسِ أَوْ غَيْرِهِمَا». انْتَهَى.

وَقَدْ يَكُونُ إِخْبَارُهُمْ عَنْ ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ التَّنْجِيمِ؛ وَهُوَ الاِسْتِدْلاَلُ بِالأَحْوَالِ الفَلَكِيَّةِ عَلَى الحَوَادِثِ الأَرْضِيَّةِ؛ كَأَوْقَاتِ هُبُوبِ الرّيَاحِ، وَمَجِيء المَطَرِ، وَتَغَيُّرِ الأَسْعَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُدْرَكُ مَعْرِفَتُهَا بِسَيْرِ الكَوَاكِبِ فِي مَجَارِيهَا، وَاجْتِمَاعِهَا وَافْتِرَاقِهَا، وَيَقُولُونَ: مَنْ تَزَوَّجَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا حَصَلَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ سَافَرَ بِنَجْمِ كَذَا، حَصَلَ لَهُ كَذَا، وَمَنْ وُلِدَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا، حَصَلَ لَهُ كَذَا؛ مِنَ السُّعُودِ أَوِ النُّحُوسِ، كَمَا يُعْلَنُ فِي بَعْضِ المَجَلاَّتِ السَّاقِطَةِ مِنَ الخُزَعْبلاَتِ حَوْلَ البُرُوجِ؛ وَمَا يَجْرِي فِيهَا مِنَ الحُظُوظِ.

وَقَدْ يَذْهَبُ بَعْضُ الجُهَّالِ وَضِعَافِ الإِيمَانِ إِلَى هَؤُلاَءِ المُنَجّمِينَ، فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ مُسْتَقْبَلِ حَيَاتِهِ وَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ فِيهِ، وَعَنْ زَوَاجِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَمَنِ ادَّعَى عِلْمَ الغَيْبِ، أَوْ صَدَّقَ مَنْ يَدَّعِيهِ، فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ؛ لأَِنَّهُ يَدَّعِي مُشَارَكَةَ اللهِ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَةٌ مَخْلُوقَةٌ، لَيْسَ لَهَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، وَلاَ تَدُلُّ عَلَى نُحُوسٍ، وَلاَ سُعُودٍ، وَلاَ مَوْتٍ، وَلاَ حَيَاةٍ، وَإِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ مِنْ أَعْمَالِ الشَّيَاطِينِ؛ الَّذِينَ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ.

***


الشرح