أَحْوَالٌ وَكَذا وَكَذَا، وَادَّعَى
الأَحْوَالَ الخَارِقَةَ؛ كَالنَّارِ وَغَيْرِهَا، وَاخْتِصَاصَهُمْ بِهَا، وَأنَّهُمْ
يَسْتَحِقُّونَ تَسلِيمَ الحَالِ إِلَيْهِمْ لأَِجْلِهَا»، قَالَ شَيْخُ
الإِسْلاَمِ: «فَقُلْتُ -وَرَفَعْتُ صَوْتِي وَغَضِبْتُ-: أَنَا أُخَاطِبُ
كُلَّ أَحْمَدِيّ مِنْ مَشْرِقِ الأَرْضِ إِلَى مَغْرِبِهَا: أَيّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ
فِي النَّارِ، فَأَنَا أَصْنَعُ مِثْلَ مَا تَصْنَعُونَ، وَمَنِ احْتَرَقَ، فَهُوَ
مَغْلُوبٌ، وَرُبَّمَا قُلْتُ: فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ
نَغْسِلَ جُسُومَنَا بِالخَلّ وَالماءِ الحَارّ، فَسَأَلَنِي الأُمَرَاءُ
وَالنَّاسُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: لأَِنَّ لَهُمْ حِيَلاً فِي الاِتَّصَالِ
بِالنَّارِ، يَصْنَعُونَهَا مِنْ أَشْيَاءَ مِنْ دُهْنِ الضَّفَادِعِ، وَقِشْرِ
النَّارَنْجِ، وَحَجَر الطَّلْقِ، فَضَجَّ النَّاسُ بِذَلِكَ؛ فَأَخَذَ يُظْهِرُ
القُدْرَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: أَنَا وَأَنْتَ نُلَفُّ فِي بَارِيَّةٍ، بَعْدَ
أَنْ تُطْلَى جُسُومُنَا بِالكِبْرِيتِ، فَقُلْتُ: فَقُمْ، وَأَخَذْتُ أُكَرّرُ
عَلَيْهِ فِي القِيَامِ إِلَى ذَلِكَ، فَمَدَّ يَدَهُ يُظْهِرُ خَلْعَ القَمِيصِ،
فَقُلْتُ: لاَ، حَتَّى تَغْتَسِلَ بِالمَاءِ الحَارّ وَالخَلّ؛ فَأَظْهَرَ
الوَهْمَ عَلَى عَادَتِهِمْ؛ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يُحِبُّ الأَمِيرَ، فَلْيُحْضِرْ
خَشَبًا -أَوْ قَالَ: حُزْمَةَ حَطَبٍ- فَقُلْتُ: هَذَا تَطْوِيلٌ وَتَفْرِيقٌ
لِلْجَمْعِ وَلاَ يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودٌ؛ بَلْ قِنْدِيلٌ يُوقَدُ وَأُدْخِلُ
إِصْبَعِي وَإِصْبَعَكَ فِيهِ بَعْدَ الغَسْلِ، وَمَنِ احْتَرَقَتْ إِصْبَعُهُ،
فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، أَوْ قُلْتُ: فَهُوَ مَغْلُوبٌ، فَلَمَّا قُلْتُ
ذَلِكَ، تَغَيَّرَ وَذَلَّ». انْتَهَى.
وَالمَقْصُودُ مِنْهُ: بَيَانُ
أَنَّ هَؤُلاَءِ الدَّجَّالِينَ يَكْذِبُونَ عَلَى النَّاسِ بِمِثْلِ هَذِهِ
الحِيَلِ الخَفِيَّةِ؛ كَجَرّهِ السَّيَّارَةَ بِشَعْرِهِ، وَإِلْقَائِهِ نَفْسَهُ
تَحْتَ عَجَلاَتِهَا، وَإِدْخَالِهِ أَسْيَاخَ الحَدِيدِ فِي عَيْنَيْهِ... إِلَى
غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّعْوَذَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ.
***
الصفحة 4 / 188