×
عقيدة التوحيد

 يُصَلُونَ عَنْدَهَا؛ وَنَهَى عَنْ اتَّخَاذِهَا مَسَاجِدَ، وَهَؤُلاَءِ يَبْنُونَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ، وَيُسَمُّونَهَا مَشَاهِدَ؛ مُضَاهَاة لِبُيُوتِ اللهِ، وَنَهَى عَنْ إيقَادِ السُّرُجِ عَلَيْهَا، وَهَؤُلاَءِ يُوقِفُونَ الأَوْقَافَ عَلَى إِيقَادِ القَنَادِيلِ عَلَيْهَا، وَنَهى عَنْ أَنْ تُتَّخَذَ عِيداً، وَهَؤُلاَءِ يَتَّخذُونَها أعياداً وَمَنَاسِكَ، وَيَجْتَمِعُونَ لَهَا كَاجْتِمَاعِهِمْ لِلْعِيدِ أَوْ أَكْثَرَ.

وَأَمَرَ بِتَسْوِيَتِهَا؛ كَمَا رَوَى مُسْلِم فِي «صَحِيحِهِ»، عَنْ أَبِي الهَيَّاجِ الأَسَدِيَّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب رضي الله عنه: «ألاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ أَلَّا تَدَعَ صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتَهَا، وَلاَ قَبْراً مُشرِفاً إِلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([1])، وَفِي «صَحِيحِهِ» أَيْضًا: عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد بِأَرْضِ الرُّومِ بِرُودِسَ، فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا، فَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا» ([2])، وَهَؤُلاَءِ يُبَالِغُونَ فِي مُخَالَفَةِ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ، وَيَرْفَعُونَهَا عَنِ الأَرْضِ كَالبَيْتِ، وَيَعْقِدُونَ عَلَيْهَا القِبَابَ».

إِلَى أَنْ قَالَ: «فَانْظُرْ إِلَى هَذَا التَّبَايُنِ العَظيمِ بَيْنَ مَا شَرَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَصَدَهُ مِنَ النَّهْيِ عَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي القُبُورِ، وَبَيْنَ مَا شَرَعَهُ هَؤُلاَءِ وَقَصَدُوهُ! وَلاَ رَيْبَ أَنَّ فِي ذَلِكَ منَ المَفَاسِدِ مَا يَعْجِزُ العَبْدُ عَنْ حَصْرِهِ».

ثُمَ أَخَذَ يَذْكُرُ تِلْكَ المَفَاسِدَ... إِلَى أنْ قَالَ: «ومِنْهَا: أَنَّ الَّذِي شَرعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ زِيَارَةِ القُبُورِ، إِنَّمَا هُوَ تَذَكُّرُ الآخِرَةِ، وَالإِحْسَانُ إِلَى المَزُورِ؛ بِالدُعَاءِ لَهُ، والتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ، وَالاِسْتِغْفَارِ لَهُ، وَسُؤالِ العَافِيَةِ لَهُ؛ فَيَكُونُ الزَّائِرُ مُحْسِناً إِلَى نَفْسهِ وَإلَى المَيْتِ، فَقَلَبَ هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم، رقم (968).

([2])  أخرجه: مسلم، رقم (968).