﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ
يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ﴾ [المَائدة: 50].
وَكَذَلِكَ التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ حَقٌّ للهِ
تَعَالَى؛ لاَ يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا
تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ
وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ
وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾
[الأنعَام: 121].
فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ طَاعةَ الشَّيَاطِينِ
وَأَوْليائهمْ فِي تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ: شِركاً
بِهِ سُبْحَانَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ فِي
تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهُ، أَوْ تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ: فَقَدِ اتَخَذَهُمْ
أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا
مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا
لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ
عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [التّوبَة:
31].
وفِي الحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه،
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ، لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ يُحِلُّونَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ
اللهُ فَتُحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟!»،
قَالَ: بَلَى، قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» ([1]).
فَصَارَتْ طَاعَتُهُمْ فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ مِنْ دُونِ اللهِ عِبَادَةً لَهُمْ وَشِرْكاً، وَهُوَ شِرْكٌ أَكْبَرُ؛ يُنَافِي التَّوحِيدَ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ شهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَه إِلاَّ اللهُ؛ فَإِنَّ مِنْ مَدْلُولِهَا: أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْريِمَ حَقٌّ للهِ تَعَالَى، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَنْ أَطَاعَ العُلَمَاءَ وَالعبَّادَ فِي التَّحلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ الَّذِي يُخَالِفُ شَرْعَ اللهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ هَذِهِ المخَالَفَةَ، مَعَ أَنَّهُمْ أَقْرَبُ إِلَى العِلْمِ وَالدِّينِ، وَقَدْ يَكُونُ خَطَؤُهُمْ عن اجْتِهَادٍ لَمْ يُصِيبُوا فِيهِ الحَقَّ،
([1]) أخرجه: الترمذي، رقم (3095)، والطبراني، رقم (218)، والبيهقي، رقم (2137).