×
عقيدة التوحيد

فَهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ خِبْرَةٍ فِي المُخْتَرَعَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ؛ فَهُمْ جُهّالٌ لاَ يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يُوصَفُوا بِالعِلْمِ، لأَِنَّ عِلْمَهُمْ لَمْ يَتَجَاوَزْ ظَاهِرَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهَذَا عِلْمٌ نَاقِصٌ لاَ يَسْتَحِقّ أَصْحَابُهُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِمْ هَذَا الوَصْفُ الشَّرِيفُ، فَيُقَالُ: العُلَمَاءُ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ هَذَا عَلَى أَهْلِ مَعْرِفَةِ اللّهِ وَخَشْيَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ [فَاطِر: 28].

وَمِنَ النَّظْرَةِ المَادِّيَّةِ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا: مَا ذَكَرَهُ اللّهُ فِي قِصّةِ قَارُونَ، وَمَا آتاهُ اللهُ مِنَ الكُنُوزِ؛﴿فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ [القَصَص: 79].

فَتَمَنَّوْا مِثْلَهُ وَغَبِطُوهُ، وَوَصَفُوهُ بِالحَظِّ العَظِيمِ، بِنَاءً عَلَى نَظْرَتِهِمُ المَادِّيَّةِ، وَهَذَا كَمَا هُوَ الحَالُ الآنَ فِي الدُّوَلِ الكَافِرَةِ، وَمَا عِنْدَهَا مِنْ تَقَدُّمٍ صِنَاعِيٍّ وَاِقْتِصَادِيّ، فَإِنَّ ضِعَافَ الإِيمَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ نَظرَةَ إِعْجَابٍ، دُونَ نَظَرٍ إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنْ سُوءِ المَصِيرِ، فَتَبْعَثُهُمْ هَذِهِ النَّظْرَةُ الخَاطِئَةُ إِلَى تَعْظِيمِ الكُفَّارِ وَاحْتِرَامِهِمْ فِي نُفُوسِهِمْ، وَالتَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي أَخْلاَقِهِمْ وَعَادَاتِهِمُ السَّيِّئَةِ، وَلَمْ يُقَلِّدُوهُمْ فِي الجِدِّ، وَإِعْدَادِ القُوَّةِ، وَالشَّيْءِ النَّافِعِ؛ مِنَ المُخْتَرَعَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ [الأنفَال: 60].

·       النَّظرَةُ الثَّانِيَةُ لِلْحَيَاةِ: النَّظْرَةُ الصَّحِيحَةُ:

وَهِيَ: أَنْ يَعْتَبِرَ الإِنْسَانُ مَا فِي هَذِهِ الحَيَاةِ مِنْ مَالٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوًى مَادِّيَّةٍ، وَسِيلَةً يُسْتَعَانُ بِهَا لِعَمَلِ الآخِرَةِ.

فَالدُّنْيَا فِي الحَقِيقَةِ لاَ تُذَمُّ لِذَاتِهَا، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ المَدْحُ وَالذَّمُّ إِلَى فِعْلِ العَبْدِ فِيهَا، فَهِيَ قَنْطَرةٌ وَمَعْبَرٌ لِلآخِرَةِ، وَمِنْهَا زَادُ الجَنَّةِ، وَخَيْرُ عَيْشٍ


الشرح