الفَصْلُ الأَوَّلُ
فِي وُجُوبِ مَحَبَّةِ الرَّسُولِ
وَتَعْظِيمِهِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الغُلُوِّ
وَالإِطْرَاءِ فِي مَدْحِهِ، وَبَيَانِ
مَنْزِلَتِهِ صلى الله عليه وسلم
****
·
وُجُوبُ
مَحَبَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ صلى الله عليه وسلم:
يَجِبُ عَلَى العَبْدِ أوَّلاً: مَحَبَّةُ اللهِ عز وجل،
وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ العِبَادَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾ [البَقَرَة: 165]؛ لأَِنَّهُ هُوَ الرَّبُّ
المُتَفَضِّلُ عَلَى عِبَادِهِ بِجَمِيعِ النّعَمِ؛ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا.
ثُمَّ بَعْدَ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، تَجِبُ
مَحَبَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي دَعَا إِلَى
اللهِ، وَعَرَّفَ بِهِ، وَبَلَّغَ شَرِيعَتَهُ، وَبَيَّنَ أَحْكَامَهُ، فَمَا
حَصَلَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَعَلَى يَدِ
هَذَا الرَّسُولِ، وَلاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ
وَاتِّبَاعِهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَفِي الحَدِيثِ: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ
اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ
لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ
أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ([1]).
فَمَحَبَّةُ الرَّسُولِ تَابِعَةٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى، لاَزِمَةٌ لَهَا، وَتَلِيهَا فِي المَرْتَبَةِ، وَقَدْ جَاءَ بِخُصُوصِ مَحَبَّتِهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا عَلَى محبة كُلِّ مَحْبُوبٍ سِوَى اللهِ تَعَالَى؛ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري، رقم (16)، ومسلم، رقم (43).