×
عقيدة التوحيد

وَهَذَا هُوَ الشَّأْنُ فِي المُتَعَصِّبِينَ اليَوْمَ، مِنْ بَعْضِ أَتْبَاعِ المَذَاهِبِ الصُّوفِيَّةِ وَالقُبُورِيِّينَ، إِذَا دُعُوا إِلَى اتِّبَاعِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَبْذِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُهُمَا، احْتَجُّوا بِمَذَاهِبِهِمْ، وَمَشَايِخِهِمْ، وَآبَائِهِمْ، وَأَجْدَادِهِم.

·       التَّشَبُّهُ بِالكُفَّارِ:

وَهُوَ مِنْ أَشَدِّ مَا يُوقِعُ فِي البِدَعِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ، وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، وَلِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَة يَعْكُفُونَ عَنْدَهَا، وَيَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجَعَل لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ؛ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْواطٍ، فَقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السُّنَنُ! قُلْتُمْ -وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ [الأعرَاف: 138] ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ منْ قَبْلَكُمْ» ([1]).

فَفِي هَذَا الحَدِيثِ: أَنَّ التَّشَبُّهَ بِالكُفَّارِ هُوَ الَّذِي حَمَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَطْلُبُوا هَذَا الطَّلَبَ القَبِيحَ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا، وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ بَعْضَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ شَجَرَةً يَتَبَرَّكُونَ بِهَا مِنْ دُونِ اللهِ، وَهَذَا الوَاقِعُ نَفْسَهُ اليَوْمَ؛ فَإِنَّ غَالِبَ النَّاسِ مِنَ المُسْلِمِينَ قَلَّدُوا الكُفَّارَ فِي عَمَلِ البِدَعِ وَالشِّرْكِيَّاتِ؛ كَأَعْيِادِ المَوَالِدِ، وَإِقَامَةِ الأَيَّامِ وَالأَسَابِيعِ لأَِعْمَالٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالاِحْتِفَالِ بِالمُنَاسَبَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالذِّكْرَيَاتِ، وَإِقَامَةِ التَّمَاثِيلِ، وَالنُّصُبِ التَّذْكَارِيَّةِ، وَإِقَامَةِ المَآتِمِ، وَبِدَعِ الجَنَائِزِ، وَالبِنَاءِ عَلَى القُبُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

***


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (21947)، والترمذي رقم (2180).