وَقَدْ نَهَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَن
الغُلُوِّ فِي مَدْحِهِ؛ فَقَالَ: «لاَ
تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ إِنَّمَا أَنَا عَبْد؛
فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1])،
وَقَدْ يَصْحَبُ هَذَا الاِحْتِفَالَ اخْتِلاَط بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،
وَفَسَادُ الأَخْلاَقِ، وَظُهُورُ المُسْكِرَاتِ... وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَالإِطْرَاءُ مَعْنَاهُ: الغُلُوُّ
فِي المَدْحِ، وَرُبَّمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم
يَحْضُرُ احْتِفَالاَتِهِمْ.
وَمِنَ المُنْكَرَاتِ الَّتِي تُصَاحِبُ هَذِهِ
الاِحْتِفَالاَتِ: الأَنَاشِيدُ الجَمَاعِيَّةُ المُنَغَّمَةُ،
وَضَرْبُ الطُّبُولِ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الأَذْكَارِ الصُّوفِيَّةِ
المُبْتَدَعَةِ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ اخْتِلاَط بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛
مِمَّا يُسَبِّبُ الفِتْنَةَ، وَيَجُرُّ إِلَى الوُقُوعِ فِي الفَوَاحِشِ،
وَحَتَّى لَوْ خَلاَ هَذَا الاِحتِفَالُ مِنْ هَذِهِ المَحَاذِيرِ، وَاقْتَصَرَ
عَلَى الاِجْتِمَاعِ وَتَنَاوُلِ الطَّعَامِ، وَإِظْهَارِ الفَرَح، كَمَا
يَقُولُونَ؛ فَإِنَّهُ بِدْعَة مُحْدَثَة، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلُّ
بِدْعَةٍ ضَلاَلَة، وَأَيْضًا هُوَ وَسِيلَة إِلَى أَنْ يَتَطَوَّرَ، وَيَحْصُلَ
فِيهِ مَا يَحْصُلُ فِي الاِحْتِفَالاَتِ الأُخْرَى مِنَ المُنْكَرَاتِ.
وَقُلْنَا: إِنَّهُ بِدْعَة؛ لأَِنَّهُ لاَ أَصْل لَهُ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِح وَالقُرُونِ المُفَضَّلَةِ، وَإِنَّمَا حَدَثَ مُتَأَخِّرًا بَعْدَ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِيِّ؛ أَحْدَثَهُ الفَاطِمِيُّونَ الشِّيعَةُ، قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ تَاجُ الدِّينِ الفَاكِهَانِيُّ رحمه الله: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ تَكَرَّرَ سُؤَالُ جَمَاعَةٍ مِنَ المُبَارَكِينَ عَنْ الاِجْتِمَاعِ الَّذِي يَعْمَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّل، وَيُسَمُّونَهُ المَوْلِدَ؛ هَلْ لَهُ أَصْل فِي الدِّينِ؟ وَقَصَدُوا الجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ مُبَيَّنًا، وَالإِيْضاحَ عَنْهُ مُعَيَّنًا؛ فَقُلْتُ - وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ:
([1]) أخرجه: البخاري، رقم (3261).