* النَّوْعُ
السَّادِسُ: التَّوَسُّلُ إِلَى اللهِ بِالاِعْتِرَافِ بِالذَّنْبِ: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي﴾ [القَصَص: 16].
القِسْمُ الثَّانِي: تَوَسُّلٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ:
وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِمَا عَدَا الأَنْوَاع
المَذْكُورَة فِي التَّوَسُّل المَشْرُوعِ؛ كالتَّوَسُّل بِطَلَبِ الدُّعَاءِ
وَالشَّفَاعَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَالتَّوَسُّل بِجَاهِ النَّبِيّ صلى الله عليه
وسلم، وَالتَّوَسُّل بِذَاتِ المَخْلُوقِينَ أَوْ حَقِّهِمْ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ
كَمَا يَلِي:
·
طَلَبُ
الدُّعاءِ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَجُوزُ:
لأَِنَّ المَيِّتَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الدُّعَاءِ، كَمَا
كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي الحَيَاةِ، وَطَلَبُ الشَّفَاعَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ
لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ،
وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ،
لَمَّا أَجْدَبُوا، اسْتَسْقَوْا وَتَوَسَّلُوا وَاسْتَشْفَعُوا بِمَنْ كَانَ
حَيًا، كَالعَبَّاسِ، وَكَيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَلَمْ يَتَوَسَّلُوا وَلَمْ
يَسْتَشْفِعُوا وَلَمْ يَسْتَسْقُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وَلاَ
عِنْدَ قَبْرِهِ، وَلاَ عِنْدَ غَيْرِهِ، بَلْ عَدَلُوا إِلَى البَدَلِ؛
كَالعَبَّاسِ وَكَيَزِيدَ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ
إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ بِعَمِّ نَبِيِّنَا
فَاسْقِنَا»، فجَعَلوا هَذَا بَدَلاً مِن ذَلِكَ، لَمَّا تَعَذَّرَ أَنْ
يَتَوَسَّلُوا بِهِ عَلَى الوَجْهِ المشْرُوعِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ.
وَقَدْ كَانَ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ يَأْتُوا إِلَى قَبْرِهِ فَيَتَوَسَّلُوا بِهِ -يَعني: لَوْ كَانَ جَائِزًا- فَتَرْكُهُمْ لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّوَسُّل بِالأَمْوَاتِ، أَوْ طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ مِنْهُم وَهُمْ أَمْوَاتٌ، فَلَوْ كَانَ طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَالاِسْتِشْفَاعُ بِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا سَوَاءً؛ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْه إِلَى غَيْرِه، مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ.