الفَصلُ الأول: أَحكامٌ عامَّة
****
1-
مَكانَةُ المَرأةِ قَبلَ الإِسلاَمِ:
ويُراد
بما قَبلَ الإِسلاَمِ عَصرُ الجاهِلِيَّة التي كان يعيشُها العرَبُ بصِفَةٍ
خاصَّةٍ، ويعيشُهَا أهلُ الأَرضِ بصِفَةٍ عامَّةٍ؛ حيث كان النَّاس في فَتْرَةٍ من
الرُّسُل، ودُروسٍ من السُّبُل، وقد نظر الله إليهم - كما جاء في الحديث - «إِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَْرْضِ،
فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»([1]).
وكانت
المَرأةُ في هذا الوَقتِ في الأَغلَبِ الأعَمِّ تعيش فتْرَةً عَصيبَةً - خصوصًا في
المُجتَمَعِ العربيِّ؛ حيث كانوا يَكرَهُون وِلادَتَها، فمنهم مَن كان يَدفِنُها
وهي حيَّةٌ حتى تمُوتَ تحتَ التُّرابِ، ومنهم من يتْرُكها تبقى في حياة الذُّلِّ
والمَهانَةِ، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ
مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ ٥٨يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ
أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ
٥٩﴾ [النحل: 58، 59].
وقال
تعالى: ﴿وَإِذَا
ٱلۡمَوۡءُۥدَةُ سُئِلَتۡ ٨بِأَيِّ ذَنۢبٖ قُتِلَتۡ ٩﴾
[التكوير: 8، 9].
والمَوءُودَةُ: هي البِنتُ تُدفَن حيَّةً حتى تموت تحتَ التُّرابِ. وإذا سَلِمَت من الوَأدِ وعاشت فإنها تعيش عِيشَة المَهانَةِ، فليس لها حظٌّ من ميراثِ قريبِها مهما كَثُرت أموالُهُ، ومهما عانَت من الفَقرِ والحَاجَةِ؛ لأنهم يخُصُّون المِيرَاثِ بالرِّجال دون النساء، بل إنها كانت