وأيضًا:
فإن ذلك سببٌ لتأذِّي الميِّت ببكائها، ولافتتان الرجال بصوتها وصورتها، كما جاء
في حديث آخر: «فإنكُنَّ تَفْتِنَّ الحيَّ
وتُؤذِينَ الميِّتَ» ([1]).
وإذا
كانت زيارة النساء للقبور مَظِنَّةً وسببًا للأمور المحرمة في حقِّهِنَّ وحقِّ
الرجال - والحكمة هنا غير مضبوطة -؛ فإنَّه لا يمكن أن يُحَدَّ المقدار الذي لا
يُفضي إلى ذلك، ولا التَّمييزُ بين نوعٍ ونوعٍ؛ ومن أصول الشريعة أن الحكمة إذا
كانت خفيَّة أو غيرَ منتَشِرة عُلِّقَ الحكم بمَظِنَّتِها، فيحرَّم هذا الباب؛
سدًّا للذريعة، كما حرم النظر إلى الزينة الباطنة لما في ذلك من الفتنة، وكما
حرَّم الخَلوة بالأجنبية وغير ذلك من النظر.
وليس
في ذلك - أي: زيارتها للقبور - من المَصلحة ما يعارِضُ هذه المفسدة، فإنه ليس في
ذلك إلاَّ دعاؤها للميت، وذلك ممكن في بيتها». انتهى.
6-
تحريم النِّياحة:
وهي:
رفع الصوت بالنَّدب، وشَقُّ الثوب، ولَطْم الخدِّ، ونتْفُ الشَّعَر، وتسويد الوجه
وخَمشُه؛ جزعًا على الميت، والدعاء بالوَيْل، وغير ذلك مما يدلُّ على الجَزَع من
قضاء الله وقدره، وعدم الصبر.
وذلك حرام وكبيرة؛ لما في «الصحيحين» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» ([2]).
([1]) أخرجه: عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (6299).
الصفحة 1 / 103