وأما حديث ابن شَرِيكٍ الصَّحابي رضي الله عنه
قال: خَرَجْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حَاجًّا وَكَانَ النَّاسُ
يَأْتُونَهُ فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ
أَطُوفَ، أَوْ أَخَّرْتُ شَيْئًا أَوْ قَدَّمْتُ شَيْئًا قَالَ: فَكَانَ يَقُولُ
لَهُمْ: «لاَ حَرَجَ لاَ حَرَجَ إلاَّ
رَجُلٌ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ ظَالِمٌ فَذَاكَ الَّذِي
حَرِجَ وَهَلَكَ» ([1]).
فرواه أبو داود بإسناد صحيح كلُّ رجالِه رجال الصحيح إلاَّ أسامة بن شَريك
الصحابي، وهذا الحديث محمول على ما حمله الخطَّابي وغيره، وهو أن قوله: «سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ»، أي:
سَعَيتُ بعد طواف القُدوم وقبل طواف الإفاضة». انتهى.
قال
شيخنا الشيخ محمد الأمين الشِّنقيطِيُّ رحمه الله في «تفسيره»: «اعلم أن جمهور أهل
العلم على أن السَّعيَ لا يصِحُّ إلاَّ بعد طواف، فلو سعى قبل الطواف لم يصِحَّ
سعيُه عند الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة، ونقل المَاوَردِيُّ وغيره الإجماع عليه».
ثم
نقل كلام النووي الذي مر قريبًا، وجوابه عن حديث ابن شريك، ثم قال: «فقوله: «قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ» يعني: طواف
الإفاضة الذي هو رُكْن، ولا ينافي ذلك أنه سعى بعد طواف القدوم الذي هو ليس بركن».
انتهى.
وقال في «المغني»: «والسَّعي تَبَعٌ للطواف، لا يصِحُّ إلاَّ أن يتقدَّمَه طواف، فإن سعى قبله لم يصِحَّ، وبذلك قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقال عطاء: يُجزِئه، وعن أحمد: يُجزِئه إن كان ناسيًا، وإن كان عمدًا لم يجزِئْه سعيُه؛ لأن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئِلَ عن التَّقديم والتَّأخير في حال
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2015)، والترمذي رقم (2038)، وابن ماجه رقم (3436).
الصفحة 2 / 103