×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وإيَّاكَ عَن آرَاءِ كُلِّ مُزخْرِفٍ *** مَقالتَه فَالسُّمُّ في ضِمْنِها الرَّدِي

فقَدْ مَاتَ خَيرُ النَّاسِ والدِّينُ كامِلٌ *** غَنِيٌّ عَن التَّبْيينِ مِن كُلِّ مُلحِدِ

فطَالِبُ دِينِ الحَقِّ فِي الرَّأْي ضَائِعٌ *** ومَنْ خَاضَ فِي عِلمِ الكَلامِ فَمَا هُدِي

كَفَى بِهِم نَقْصًا تَنَاقُضُ قَولِهم *** وكُلٌّ يَقولُ الحَقَّ عِندِي فَقلِّدِ

ولَو كَانَ حَقًّا لَم يَكُنْ مُتَناقِضًا *** ولَم يتنقل رَبه ذَا تَلدُّدِ

- وما الحَقُّ إلاَّ لَيلُه كَنهَارِه *** يُزِيلُ ضِياءً خَاليًا مِن تَردُّدِ

بِه يَطْمَئِنُّ القَلْبُ غَيْرَ مُزَعْزَعٍ *** ولاَ خَائِفٍ بَلْ آمنٍ مِنْ تَنكُّدِ

فمَنْ قلَّدَ الآرَاءَ ضَلَّ عَن الهُدَى *** ومَن قَلَّد المَعصُومَ فِي الدِّينِ يَهتَدِي

فمَا الدِّينُ إلاَّ الاتِّباعُ لمَا أَتَى *** عَن اللهِ والهَادِي البَشيرِ مُحمَّدِ

كَذَلِك قَالَ الشَّافِعِي وغَيرُه *** مِن النَّاصِرينَ الحَق مِن كُلِّ مُهتَدِ

ومَحْضُ التَّلقِي بِالقَبُولِ لَه بِلاَ *** تَأَوُّلٍ أَو تَشْبيهٍ أَو رَدِّ جُحَّدِ

فكَابِد إلى: أَنْ تَبلُغَ النَّفسُ عُذْرَها *** وكُنْ فِي اكْتِسابِ العِلْم: طلاع أنجدِ

ولا تَذْهَبنَّ العُمْرَ مِنكَ سَبَهْلَلاً *** ولاَ تَغْبننَّ في النِّعْمَتين بَلْ اجْهدِ

فمَنْ هَجَرَ اللَّذات نَال المُنَى، ومَنْ *** أَكَبَّ عَلَى اللَّذَّاتِ: عَضَّ على اليَدِ

وفِي قَمْعِ أهواءِ النُّفُوسِ: اعْتِزَازُها *** وفِي نَيْلِهَا مَا تَشْتَهي: ذُل سَرْمَدِي

- فَلاَ تَشتَغِل: إلاَّ بمَا يُكسِبُ العُلاَ *** ولاَ تَرْضَى للنَّفْسِ النَّفيسَةِ بالرَّدِي

وفِي خُلْوةِ الإِنسَانِ بِالعِلْم: أُنسُهُ *** ويَسْلَمُ دِينُ المَرْءِ عِندَ التَّوَحُّدِ

ويَسْلَمُ مِن قَالٍ وقِيلٍ، ومِن أَذَى *** جَلِيسٍ، ومِنْ وَاشٍ بَغِيضٍ وحُسَّدِ

فكُنْ حِلْسَ بَيْتٍ فَهُو سِترٌ لِعَوْرةٍ *** وحِرْز الفَتَى عَن كُلِّ غَاوٍ ومُفْسِدِ

وخَيرُ جَلِيسِ المَرْءِ كُتُبٌ تُفِيدُه *** عُلُومًا وآدَابًا، كعَقلٍ مُؤَيِّدِ

وخَالِطْ إِذَا خَالَطْتَ: كُلَّ مُوفَّقٍ *** مِن العُلَما، أَهْل التُّقَى والتَّسدُّدِ

يُفيدُك مِن عِلمٍ، ويَنهَاك عَن هوًى *** فصَاحِبْه تُهْدَ مِنْ هُدَاه وتَرشُدِ

وإيَّاك: والهَمَّازَ إنْ قُمْتَ عَنه والـ *** ـبَذِيء؛ فَإنَّ المَرْءَ بِالمَرْءِ يَقْتَدِي


الشرح