أَلاَ
مَنْ لَهُ العِلْمُ وَالدِّينُ رَغْبَةٌ *** لِيُصْغِ
بِقَلْبٍ حَاضِرٍ مُتَرَصِّدِ
*****
ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ [الأعراف: 54]، يعني علا وارتَفَع سبحانه وتعالى على
العَرشِ، فله خاصِّيَّةٌ على غيره من المَخلوقات.
«يَنْفَعُنَا بِهَا»؛ يَنفعُنا بهذه
الآدابِ؛ لأن هذا هو المَقصودُ، ليس المقصودُ أنَّك تحفظُ هذه المنظومَةَ وتَقرؤها
وتُتقِنُها؛ القَصدُ العمل بها والانتفاعُ بها، وإلا كم حَاملِ عِلمٍ لا ينفَعُه
عِلمُه ولا يَستفِيدُ منه.
«وَيُنْزِلُنَا فِي
الحَشْرِ فِي خَيْرِ مَقْعَدِ»؛ هذهِ هي العاقبَةُ، أنَّ من تعلَّمَ العلْمَ النَّافعَ
وعمِلَ بهِ يكون في يومِ الحَشرِ في خَيرِ مَقعدٍ وهو الجَنَّة، وهذه هي
الثَّمَرَة والنَّتيجَة.
«أَلاَ»؛ حَرفُ تَنبيهٍ، «مَنْ
لَهُ فِي العِلْمِ رَغْبَةٌ»؛ هذا تَنبيهٌ لِما سَيذكُره في هذه المنظومَةِ من
أحْكامٍ وآدابٍ شَرعيَّةٍ، لكن إنما يحصُلُ الانتفَاعُ لمن أصْغى إليها وأقْبلَ
عَليها وحَفظَها وعمِلَ بها، هذا هو الذي يَنتفِعُ بها، أما الذي تَمرُّ عليه وهو
لَم يُصغِ إليها ولم يَعبأ بها، فإنَّها لا تَنفَعُه شيئًا، حتى ولو كانت عِنده في
مَكتَبتِه، وجودها كعَدَمِها، أما الذي يُصغِي ويَطلبُ العِلم ويُطالِع ويَتزوَّد
بالعِلم، هذا هو المطلوب - واللهُ المستعانُ -.
«لِيُصْغِ بِقَلْبٍ
حَاضِرٍ مُتَرَصِّدِ»؛ وَيُصغِي أيضًا بِقلبِه لا بأذُنٍ بدون حُضورِ قَلب،
بعض النَّاس يَسمعُ لكن قَلبَه ما هو بِحاضِرٍ، هذا لا يَستفِيدُ، لا بد من
الأمرين: الاسْتماعُ وحُضورُ القلب: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى
ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ﴾ [ق: 37]، شهيدٌ: يعني حاضِرُ القلْبِ، ما ألقى السَّمعَ
فَقط بل يَكونُ شهيدًا، يعني حاضِر القَلْب.