وَخَاتِمَةَ
حُسْنَى تُنِيلُ الفَتَى الرِّضَا *** وَتُبْلِغُهُ فِي الفَوْزِ أَشْرَفَ مَقْعَدِ
*****
«لاَ رَبَّ غَيْرُهُ»؛ يعني لا إِلهَ
غَيرُه، والرَّبُّ يُطلق ويرادُ بهِ الإلَه، كما أنَّ الإلَهَ يُطلق ويرادُ به
الرَّبُّ، فَيستعمَلُ أحدهُمَا مكان الآخَرِ، وإذا ذُكرا جَميعًا صار الرَّبُّ
معناه المالِكُ المُتصرِّفُ المُدبِّرُ، والإلهُ مَعناهُ المَعبودُ، أما إذا ذُكرَ
أحدُهُما فإنه يَدخُل فيه الآخَرُ. «وَأَسْأَلُهُ عَفْوًا وَإِتْمَامَ مَا
ابْتُدِي»؛ لما شَهدَ أن لا إله إلاَّ الله، طلَبَ منه أن يُعينَه على إِتمامِ ما
ابْتَدَأ بهِ من هذا النَّظمِ حتَّى يُكمِلَه على الوَجهِ الذي أرادَهُ؛ لأنه لا
حول ولا قوة إلاَّ بالله. فالإنسانُ لا يَستطِيعُ أن يَعملَ شَيئًا إلاَّ بإعانَةِ
اللهِ جل وعلا.
«وَأسْأَلُهُ
عَفْوًا»؛ يسألُه عَفوًا عن التَّقصيرِ، وهذا من بابِ أنَّ الإنسانَ لا يُزكِّي
نَفسَه لأنَّه مُقَصِّرٌ، مهما فعل ومهما عَمِلَ، فهو مُقَصر يَحتاج إلى العَفوِ
من اللهِ عز وجل.
لما دعا بهذَا
الدُّعاءِ سَألَ اللهَ حُسنَ الخاتِمَةِ، وهذا أمرٌ مهِمٌّ جدًّا، أنَّ الإنسانَ
يسألُ اللهَ حُسنَ الخاتِمَةِ بأن يموتَ على الإسلامِ، فالأعمالُ بِالخَواتِيمِ،
قد يكونُ الإنْسانُ مُحسنًا وعاملاً للصَّالِحات، ثمَّ يُختَمُ له بِسوءٍ فَيموتُ
على الكُفرِ، فلا تَنفَعُه أعمَالُه، وقد يكونُ الإنسانُ مُسيئًا ومُفرِّطًا، ثمَّ
يُختَم له بِخيرٍ فيَسعَدُ ويُعفى عن ما حصلَ مِنه، فالمدارُ على الخاتِمَة.
فالإنسانُ يخافُ من
سُوءِ الخاتِمَة، ويَسألُ اللهَ أن يُحسنَ له الخاتِمَةَ، وأن يُميتَه على
الإسْلامِ، ولا يَغترَّ بِنفسِه وصَلاحِه وعَملِه وعِلْمِه؛ لأنَّه قد يَنحرِفُ
بسبَبِ الفِتنِ، وما أكثَرَ منِ انحَرَفوا - والعِياذُ بِاللهِ -، وما أكْثرَ من
زاغُوا وضَلُّوا بِسببِ الفِتنِ، فالإنسانُ على خَطرٍ ما دام على قَيدِ