×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَنَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِطَوْلِهِ *** وَنَسْأَلُهُ الإِخْلاَصَ فِي كُلِّ مَقْصِدِ

*****

الحَياةِ، لا يُزكِّي نَفسَه ولا يأمنُ من مَكرِ اللهِ عز وجل في أنه يَفتِنُه ويُصيبُه فلا يَثبتُ على الحَقِّ.

ما أكثر من ارتَدُّوا، وما أكثر من فَسَدوا بعد الصَّلاحِ، وما أكثَرَ من زاغوا بعد الهِدايَةِ، فالإنسان يسألُ اللهَ الهِدايَةَ وحُسنَ الخاتِمةِ، فأنبياء اللهِ يَخافون من سُوءِ الخاتِمةِ.

وإبراهيمُ يقول: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ [إبراهيم: 35]، ويوسُف عليه السلام يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ [يوسف: 101]، الأنبياءُ يَسألونَ اللهَ حُسنَ الخاتِمَةِ فَكيفَ بِغيرهم؟

«وَتُبْلِغُهُ فِي الفَوْزِ أَشْرَفَ مَقْعَدِ»؛ قالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَنَهَرٖ ٥٤ فِي مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِيكٖ مُّقۡتَدِرِۢ[القمر: 54- 55]، فَيسألُ اللهَ مَقعدَ الصِّدقِ، ومَقعَدُ يَوم القِيامَة هو الجَنَّة.

يَحمَدُ اللهَ حَمدًا، أي: يُثنِي عليهِ ثَناءً «يَلِيقُ بِطَوْلِهِ»؛ يعنِي بعطائِهِ ومَنِّهِ وكَرَمِه. «وَنسْأَلُهُ الإِخْلاَصَ فِي كُلِّ مَقْصِدِ»؛ وهذا مُهمٌّ جِدًّا، أن الإنسانَ يَسأَلُ اللهَ الإخْلاصَ في عَملِه، وألاَّ يَقصِدَ بِعمَلِه غَيرَ وجْهِ اللهِ عز وجل فيَبطُلُ عَملُه، الإخلاصُ أمرٌ مهِمٌّ جدًّا: ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا[الكهف: 110].

فالإنسانُ يَسألُ اللهَ أن يُوفِّقَه للإخلاصِ، وأن يَجعَلَ عَملَه خالصًا لوجْهِه، ويَخافُ من الرِّياءِ، ويخافُ من حُبِّ الدُّنيا، وأن يَعملَ من أجلِ الدُّنيا، أو من أجلِ الرِّياءِ، أو من أجل المَدحِ والثَّناءِ، هذه الأمور تُبطِلُ العمَلَ، فالإنسان يخافُ من هذا.


الشرح