وَطَرْفُ
الفَتَى يَا صَاحِ رَائِدُ فَرْجِهِ *** وَمُتْعِبُهُ فَاغْضُضْهُ
مَا اسْتَطَعْتَ تَهْتَدِ
*****
عن الفِتنَةِ، فإذا
كان أمامَكَ فِتنَةٌ فغُضَّ بصرَك عنها، وانظرْ فيما تَحتاجُ إليه: ﴿يَغُضُّواْ مِنۡ
أَبۡصَٰرِهِمۡ﴾ [النور: 30] ؛ ﴿مِنۡ﴾ تَبعيضِيَّة، ولم يقل يُغمِضُوا أبصارَهم، بل قال:
يَغضُّوا ولم يقل: يغمضوا؛ لأنك بحاجة إلى النَّظرِ، ولست ملومًا إذا نظرت في
الطَّريق أو نظرت فيما يَنفَعُك، أو نظرت في السِّلعِ التي تريد أن تشتريها، أو
نظرتَ فيما تَعتَبِر به مما أمامك مِنَ الآياتِ والعِبرِ.
وإنما المَمنوعُ
شيءٌ واحدٌ وهو النَّظرُ إلى الفِتنَةِ، فهذا هو الذي مُنعْتَ منه: ﴿يَغُضُّواْ مِنۡ
أَبۡصَٰرِهِمۡ﴾؛ كالنظرِ إلى المَرأةِ الأجْنبيَّةِ، والنَّظرِ إلى
الأمرَدِ وهو أشدُّ فِتنَةً من المَرأة، النَّظرُ إلى الشاشاتِ الماجِنةِ التي
تُعرض فيها الفواحش، تُعرض فيها أعمال الفِسقِ والعُري، تُعرض فيها الجرائم أمام
عَينكَ وأنت تنظر إليها ليلاً ونهارًا، النَّظرُ في الصُّورِ الماجنة التي في
الصحفِ والمَجلاتِ والجرائِدِ، كل هذا من أسْبابِ الفِتنةِ، والواجبُ غضُّ بصرِكَ
عنه، غضُّ بصرِك عن كلِّ ما يَرجعُ إليك بالضَّررِ ويَجرُّك إلى الفسادِ، فالنظر
هو مبدأ الحوادِثِ.
«وَطَرْفُ الفَتَى»؛ الطرفُ هو
البَصرُ، «رَائِدُ فَرْجِهِ»)؛ الرائدُ: هو الذي يُرسِلُه الأعرابُ لِغرَضِ
أن يَنظُرَ في المَرعَى، فالقبائِلُ تُرسلُ رَجلاً منها يَرتادُ لها المَراعِي
الخَصبَةِ، ويقولون: الرَّائدُ لا يكذِبُ أهلَهُ، فالبصَرُ كذلك هو رَائدٌ للفَرجِ
يُرسلُه الفرج لأجْلِ أن يَنظُر له في الفِتنَة، فهو رائدُ الفَرج مثل رائدِ
المَرعى.