×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، بَلَى إِنَّهُ كَبِيرٌ: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآْخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ» وفي رِوايةٍ «مِنْ بَوْلِهِ»، وفي رِوايةٍ «لاَ يَسْتَنْزِهُ مِنْ الْبَوْلِ» وفي رِوايةٍ «لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ» والشَّاهدُ أَنَّ النَّميمةَ سببٌ لعذابِ الْقَبْر، كما أَطْلَعَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأَخْبر النَّاسَ بذلك موعظةً لهم.

«وَإِفْشَاءُ سِرٍّ ثُمَّ لَعْنُ فَقَيِّدِ» هذه الجرائِمُ، أَوَّلاً البُهْت: وهو الكذبُ، الثَّاني: الغِيْبةُ والاغْتِيابُ، الثَّالث: النَّمِيمةُ، الرَّابع: إِِفْشاءُ السِّرِّ، الخامس: اللَّعْنُ، والسِّرُّ: هو الشَّيءُ الذي لا يرضى صاحبُه بالاطِّلاع عليه، من الأُمور السِّرِّية التي لا يرضى أَصْحابُها أَنْ يُطلِعَ عليها، فلا يجوز لأَحَدٍ أَنْ يفشيَها، وينشرَها في النَّاس هذا حرامٌ؛ لأَنَّ السِّرَّ أَمانةٌ ائْتَمَنَك صاحبُه عليه، فإِذا أُطْلعتَ على أُمورِه فلا تُفْشِها، لا تقُلْ: فلانٌ عنده كذا، فلانٌ يعمل كذا، هذه أَسْرارٌ، وكذلك الأَسْرارُ المُتعلِّقةُ بالدَّوْلة، هذا يضرُّ بالسِّياسة، وقدِ ائْتَمَنَك وَلِيُّ الأَمْر على هذا السِّرِّ فلا تُفْشِه للأَعْداءِ؛ لأَنَّ في ذلك ضررًا على المُجْتمع، فإِفْشاءُ السِّرِّ فيه ضررٌ على الأَفْراد، وفيه ضررٌ على المُجْتمع، والذي أُطْلعَ على سرٍّ من أَسْرارِ المسلمين فإِنَّه يجب عليه حِفْظُه وكِتْمانُه وعَدْمُ إِفْشاءه.

والخامس: اللَّعْنُ، وهو الطَّرْدُ والإِبْعادُ عن رَحْمة الله، فلا يجوز أَنْ تَلْعنَ مسلمًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ بُقْعةً، أَوْ بيتًا؛ لأَنَّ اللَّعْنَ لفظٌ قبيحٌ وهو دعاءُ بالطَّرْدِ من رَحْمةِ الله عز وجل، فإِذا قلتَ: لَعَنَهُ الله، معناه أَنَّك تقول: أَبْعَدَهُ اللهُ من رَحْمتِه.


الشرح