«ومكرٌ» المَكْر: هو خديعةُ
النَّاس بأَنْ تُظهرَ لهم خلافَ ما تُبطن، تُظهر لهم بأَنَّك تُحبُّهم وأَنَّك
ناصحٌ لهم، وأَنَّك صادقٌ معهم، وأَنْتَ بخلاف ذلك، من أَجْلِ أَنْ تُوقِعَ
الضَّررَ بهم، فالمَكْرُ: هو إِيْصالُ الأَذَى إِلَى الغيرِ بطريقٍ خفيٍّ لا يشعُر
به، وهذا لا يجوز.
«وخديعة» بأَنْ تخدَعَ
النَّاسَ في المعاملة في أَقْوالك وأَفْعالِك؛ وتُظْهِرَ لهم خلافَ ما تُبطن، فهذه
صورةٌ المنافقين ﴿يُخَٰدِعُونَ
ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا
يَشۡعُرُونَ﴾ [البقرة: 9]، ﴿يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ بإِظْهار
الإِيْمان، وإِبْطانِ الكُفْر، ولكنَّ اللهَ جل وعلا لا يُخْدَعُ، ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ
يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمۡ﴾ [النساء: 142]، من
باب الجزاءِ والعقوبةِ، فهذا من اللهِ عَدْلٌ؛ لأَنَّه أَوْقعَه بمَنْ يستحقُّه
مثلَ المَكْر ﴿وَيَمۡكُرُونَ
وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ﴾ [الأنفال: 30]، المَكْرُ من الله محمودٌ؛ لأَنَّه
عقوبةٌ وجزاءٌ يُوقعه اللهُ بمَنْ يستحقُّه، فهو منه عَدْلٌ خلاف مَكْرِ المخلوق،
وخديعةِ المخلوق لا تجوز؛ لأَنَّهما بغير حقٍّ.
«وسُخْريةٌ» الذي يسخَر
بالنَّاس بمعنى ينتقص النَّاس ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ
عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ
أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ﴾ [الحجرات: 11] ﴿ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي
ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ
سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [التوبة: 79]
السُّخْرية لا تجوز بالمسلمين، بل المسلم له مكانةٌ وحُرْمةٌ عند الله، وعند
المؤمنين فلا يجوز السُّخْرية به، والاسْتِهزاءُ به، ﴿لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا
مِّنۡهُمۡ﴾ [الحجرات: 11]