×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ربَّما يكون هذا الذي تسخَر منه هو خيرٌ منك عند الله سبحانه وتعالى، فلا تسخَرْ من النَّاس مَهْما رَأَيْتَ فيهم من الفقرِ ومن المظاهر غيرِ الجيِّدة في الملابس أَوْ في المَظْهر؛ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالأَْبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» ([1]) فهو وليٌّ من أَوْلياءِ الله، لو حلَف على اللهِ لأَبرَّه اللهُ لمكانتِه عند الله، مع أَنَّه مدفوعٌ بالأَبْواب، وإِنْ شفَّع لا يُشفَّع، وإِنْ غاب لا يُفقد، ولكنَّه عند الله عظيمٌ، فلا تسخَرْ من المؤْمن، المُؤْمِنُ مَهْما كان فإِنَّه كريمٌ عند الله سبحانه وتعالى له مكانةٌ وله حُرْمةٌ وله منزلةٌ عند الله جل وعلا، فلا تَتَنقَّصْه وتسخَرْ منه.

«والهُزْء» الهُزْءُ والسُّخْريَّةُ بمعنى واحدٍ، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ ٢٩ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ[المطففين: 29- 30]، قال تعالى: ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ [الهمزة: 1]، الذي يهَمِزُ ويَلْمِزُ النَّاسَ ويتنقَّصُهم بغير حقٍّ، متوعَّدٌ، ويلٌ له، فهذه صفاتٌ ذميمةٌ حذَّر منها الشَّرْعُ يجب أَنْ يترفَّعَ عنها المسلمُ.

«والكذبُ قيِّد» الكذب: وهو الإِخْبار بخلاف الواقع، وهو حرامٌ وكبيرةٌ من كبائِر الذُّنوب، في الحديث: «أَنَّ الرَّجُلَ لاَ يَزَالُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» ([2])، فالكَذِبُ كبيرةٌ من كبائِرِ الذُّنوب، لعَن اللهُ أَصْحابَه، قال تعالى: ﴿فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ[آل عمران: 61].


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (2622).

([2] أخرجه: البخاري رقم (6194)، ومسلم رقم (2).