×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

والكَذِبُ يتفاوت بعضُه أَشدُّ من بعضٍ، والكذبُ على الله أَعْظمُ أَنْواعِ الكذب، ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ [الزمر: 32]، والكذبُ على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأَنَّه قال كذا أَوْ فعَل كذا، بنِسْبةِ الأَحَاديث إِليه، وهي لم تَثْبُتْ عنه صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى غَيْرِي، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([2])، وفي الحديث: «مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ، يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» ([3]).

فلا يجوز نقلُ الأَحاديثِ المكذوبةِ والموضوعةِ ونِسْبتُها إِلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ؛ لأَنَّ كثيرًا من أَهْل الضَّلال وأَهْلِ الأَهْواءِ يَلْفِقون الأَحاديثَ ويحتجُّون بها ويُصحِّحونها إِذا صارتْ تُوافق هواهم، والأَحاديثُ الصَّحيحةُ إذا كانتْ تُخالف أَهْواءَهم فإِنَّهم إِمَّا أَنْ يُكذِّبوها وإِمَّا أَنْ يَحْرِفُوها ويُؤَوِّلُوها عن معناها الصَّحيحِ، هذا شأْنُ أَهْلِ الضَّلال، يبحثون عن الأَحاديثِ الموضوعةِ والمكذوبةِ ويُبْرِزُونَها للنَّاس ويحتجُّون بها إِذا كانتْ تُوافِق أَهْواءَهم، والأَحاديثُ الصَّحيحةُ التي تخالف أَهْواءَهم، إِمَّا أَنْ يكذِّبوها، وإِمَّا أَنْ يَحْرِفُوها عن مواضعها، هذا شأْنُ أَهْلِ الضَّلال، وكذلك مِنْ صفات المنافق أَنَّه إِذا حدَّث كذَب، فإِذا حدَّثتَ النَّاسَ


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (110)، ومسلم رقم (4).

([2] أخرجه: البخاري رقم (1291).

([3] أخرجه: مسلم في المقدمة (1/7).