×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

لِغَيْرِ خِداعِ الكافرين بحَرْبِهم *** وللعِرْسِ أَوْ إِصْلاحِ أَهْلِ التَّنكُّدِ

*****

فلا تُحدِّثْهم إلاَّ وأَنْتَ صادقٌ، ولا تُكْثِرْ من الحديث فيما ليس فيه فائِدةٌ خَشْيَةَ أَنْ تقعَ في كذبٍ، «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا، أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» ([1]).

الكذب يجوز في ثلاثة مواضعَ؛ لِما يترتَّب عليه من المصلحة الرَّاجحةِ:

الموضعُ الأَوَّلُ: الكذِب في الحَرْب على الأَعْداءِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ» ([2])، فالكذب على الأَعْداءِ في الحرب من أَجْل هزيمتِهم وخديعتِهم محمودٌ؛ لأَنَّه يترتَّب عليه مصلحةٌ راجحةٌ.

الموضعُ الثَّاني: كذِبُ الرَّجُلِ على زوجته من أَجْلِ إِصْلاح ما بينهما بإِزالة سُوءِ التَّفاهُم، يقول: سآتي لك بكذا، أَوْ أَنَا أُحِبُّكِ، أَوْ أَنَا كذا وكذا، وما أَشْبه ذلك من أَجْلِ أَنْ يُصلحَ بينه وبينها، هذا للمصلحة، مصلحتُه راجحةٌ.

والموضعُ الثَّالثُ: الكذِبُ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْن، إِذا رَأَيْتَ اثنين بينهما سوءُ تفاهُمٍ ونِزاعٌ فتأْتي وتقول: فلانٌ يُحبُّك، فلانٌ يُثْنِي عليك، فلانٌ يقول: أَوَدُّ أَنْ أَتصالحَ معك، ثم تذهب إِلى الثَّاني وتقول له مثل ذلك حتى يتقاربَ ما بينهما فهذا كذِبٌ للإِصْلاح يجوز؛ لأَنَّ مصلحتَه راجحةٌ على مضرَّتِه.

فهذه الثَّلاثةُ مواضعَ: في الحَرْب، وبين الزَّوْجَيْن، ولإِصْلاح ذاتِ البَيْن ذكَرها بقوله:

«لِغَيرِ خِداعِ الكافرين بحَرْبِهم» هذا الموضعُ الأَوَّلُ.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (5).

([2] أخرجه: البخاري رقم (3029)، ومسلم رقم (1739).