×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلَو كَانَ ذا فِسْقٍ وجَهْلِ وفي سِوى *** الذي قِيل فرضٌ بالكِفاية واحد

*****

مَسْأَلةُ أَنَّه سيناله مجرَّدُ أَذًى فهذا يصبر عليه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ [العصر: 3]، قال تعالى عن لُقْمَانَ: ﴿وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ [لقمان: 17]، فالأَذى يتحمَّلُه، ولكنَّ الضَّررَ الذي يقع عليه في بَدَنِه أَوْ في مالِه أَوْ في أَهْلِه، هذا هو الذي يكون عذرًا، أَمَّا مجرَّدُ أَنَّه يُتكلَّم فيه أَوْ أَنَّه يُهان أَوْ غيرُ ذلك فهذا يصبر عليه.

لا يُشترط في الآمِرِ بالمعروف والنَّاهِي عن المُنكَر أَنْ يكون الآمِرُ النَّاهي سليمًا مائةً بالمائَة، بلْ يأْمر بالمعروف ويَنْهى عن المُنكَر ولو كان يقَع منه بعضُ المخالفات، فلا يَجْمَعْ بين جريمتين، بين فعل المعصية، وتركِ إِنْكارِ المُنكَر، بلْ يأْمر بالمعروف ويَنْهى عن المُنكَر ولو كان عنده شيءٌ من المعاصي، لا يُشترط فيه أَنْ يكون معصومًا، وأَنَّه ما يقَع في مخالفةٍ، ولو شُرط هذا الشَّرطُ ما توفَّر إلاَّ في الأَنْبياءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ.

«ولوْ كان ذا فِسْقٍ» ولو كان الآمِرُ ذا فِسْقٍ: يعني معصية. «وجهلٍ» يعني ولو كان عنده بعضُ الجهل في بعض الأُمور، لا يشترط أَنَّه يكون عالمًا مائةً بالمائَةِ، بلْ إِذا كان يعرف شيئًا ويجهل شيئًا فإِنَّه يأْمر بحُدودِ عِلْمِه، ويسكُتُ عمَّا لا يعلم. «وفي سوى» ما ذُكر في البيت الأَوَّلِ يكون الأَمْرُ بالمعروف والنَّهْيُ عن المُنكَر فرضَ كِفايةٍ، وفرضُ الكفايةِ: هو الذي إِذا قام به مَنْ يكفي فيسقطُ الإِثْمُ عن الباقين، وإِذا ترَكه الكلُّ أَثِمُوا جميعًا، هذا فرضُ الكِفاية؛ لأَنَّ المقصودَ في فرضِ الكِفاية وجودُه دون النَّظر إِلى فاعله، فإِذا وُجِدَ حصَل المقصودُ، أَمَّا فرضُ


الشرح