×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وبالعلماءِ يختصُّ ما اخْتصَّ عِلْمُه *** بِهم وبمَنْ يَسْتنصرون به قَدِ

وأَضْعَفُه بالقَلْبِ ثُمَّ لِسانِه *** وأَقْواه إِنْكارُ الفتى الجَلْدِ باليَدِ

وأَنْكِرْ على الصِّبْيان كلَّ محرَّمٍ *** بتَأْدِيْبِهِمْ والعِلْمِ في الشَّرْع بالرَّدِ

*****

 العَيْن فإِنَّه يكون ملاحظًا فيه وُجودُ الشَّيءِ، ومَنْ يعمله جميعًا. أَمَّا فرضُ الكِفاية فلا يُنظر إِلى مَنْ يعمله، المُهِمُّ وجودُه في المجتمع.

وواجبُ العلماءِ أَشدُّ مِنْ واجب غيرِهم، واجبُ العلماءِ في الأَمْر بالمعروف والنَّهْيِ عن المُنكَر أَشدُّ من واجب مَنْ هو دونهم، فمَنْ هو دونهم يَأْمر ويَنْهى بحسَبِ علمِه، وأَمَّا العلماءُ فإِنَّهم يجب عليهم أَشدَّ ممَّا يجب على مَنْ دونهم، قال تعالى: ﴿لَوۡلَا يَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ[المائدة: 63]، فخصَّ هؤُلاءِ؛ لأَنَّهم همُ المسئُولون عن المُجْتمع.

هذا إِشارةٌ إِلى الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْه بِيَدِهِ» ([1]) هذا أَقْوى درجاتِ الإِنْكار، وأَضْعفُ منه الإِنْكارُ باللِّسان، وأَضْعفُ من الإِنْكارِ باللِّسان الإِنْكارُ بالقَلْبِ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ».

هذه مَسْأَلَةٌ غُفل عنها، وهي مَسْأَلةُ وُجوبِ تَرْبيةِ الأَوْلادِ الصِّغارِ، وعدمِ إِهْمالِهم فلا يُقال: هؤُلاءِ صِغارٌ ما عندهم خبرٌ، ما عندهم علمٌ، بلْ يُربَّون من الصِّغَرِ على الخير ويُجنَّبون الشَّرَّ، حتى يَنْشأُوا على كراهيَّة المعاصي ومحبَّةِ الخير، أَمَّا إِذا تُركوا وكَبِرُوا، وهم


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (49).