ولَوْ
لَمْ يُقارنْها غِناءٌ جَمِيْعَهَا *** فمِنْها ذُوو الأَوْتار
دُون تَقَيُّدِ
وحَرُّ
الغِناءِ الأَكْثرون قَضَوا بِهِ *** وعنْ أَبَوَيْ بَكْرٍ إِمامٍ ومُقْتَدِ
إِبَاحتُه
لا كُرْهَهُ وأَبَاحَهُ الإِمَامُ *** أَبُو يَعْلَى مع الكُرْهِ فأَنْشِدِ
*****
وما يُضاهي هذه
الأَشْياءَ مِن جميع آلاتِ اللَّهْوِ الموجودةِ والتي تُسْتحدَثُ وتُوجَدُ فيما
بعد ما دامتْ أَنَّها للَّعب واللَّهْوِ فإِنَّها تُتلف ولا غرامةَ فيها ولا ضمانَ
فيها، ولكنْ ليس كلُّ واحدٍ يُتْلِفُ هذه الأَشْياءَ، لا يُتْلِفُها إلاَّ ذو
سُلْطانٍ، إِمَّا السُّلْطانُ نفسُه أَوِ الأَمِيرُ أَوْ رَجُلُ الْحِسْبَةِ
الموكولُ إِليه الأَمْرُ بالمعروف والنَّهْيِ عن المُنكَر، أَمَّا الإِنْسانُ
العادي فلا يُتْلِفُها إلاَّ إِذَا كانتْ في بيتِه ومع أَوْلادِه فإِنَّه يُتْلِفُها
أَمَّا إِذا كانتْ مع النَّاس فلا يُتْلِفُها إلاَّ مَنْ له سُلْطةٌ؛ لأَجْل منعِ
الفوضى ومنعِ الشَّرِّ والمُكابرةِ، إِذا أَتْلفَها وَلِيُّ الأَمْرِ فلا أَحَدَ
يُعارِض؛ أَمَّا لو أَتْلفَها إِنْسانٌ عاديٌّ أَقَاموا عليه الدَّعْوى ووصفوه
بالجنون، فينعكس الأَمْرُ، فهذه الأُمورُ تُتْلَفُ بلا شكٍّ ولكنْ لا يُتْلِفُها
إلاَّ مَنْ له سُلْطةٌ وله قدرةٌ على إِتْلافها؛ لئَلاَّ يترتَّبَ على ذلك شرٌّ
أَشدُّ أَوْ مُنكَرٌ أَشدُّ.
تُتلَف ولوْ لمْ
يُقارنْ هذه الآلاتِ أَغاني؛ لأَنَّها مُعَدَّةٌ للأَغاني، فهي أَدواتُ شرٍّ فيجب
على المُحْتسبين والوُلاةِ والأُمراءِ إِتْلافُها، أَمَّا إِذا كان معها أَغانٍ
فهذا مُنكَرٌ آخَرُ، الغِناءُ سيأْتي حُكْمُه، قدْ يكون الغِناءُ مع الآلاتِ، وقدْ
يكون بدون آلاتٍ وهذا يأْتي حُكْمُه إِنْ شاءَ الله.
تقدَّم قولُ
النَّاظم وشرحُه في موضوع آلاتِ اللَّهْوِ وما يُلْحَقُ بها، والآن انتقل إِلى
حُكْمِ الغِناءِ، وذكَر أَنَّ بعضَ الحَنَابِلَةِ لهم فيه ثلاثةُ أَقْوالٍ: