×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

القولِ الأَوَّلِ: تحريمُه مطلقًا؛ لأَنَّه لَهْوٌ وفيه شغلٌ عن ذِكْر الله عز وجل ؛ لقوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ [لقمان: 6]، ولَهْوُ الحديثِ هو الغِناءُ، فقد فُسرتِ الآيةُ بأَنَّ المرادَ به الغِناءُ، وأَنَّ مِن النَّاس مَنْ يأْخُذه بدلاً مِن القُرْآنِ ويتلهَّى به ويتلذَّذُ به وينشغلُ به، فتوعَّدهم اللهُ بالعذاب، ﴿فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [لقمان: 7].

والقولِ الثَّاني: أَنَّه مباحٌ مِن غير كراهةٍ كما هو قولُ أَبويْ بَكْرٍ، المرادُ بهما أَبُو بَكْرٍ الخلاَّل صاحبُ «الجامع» المشهورِ، وهو الذي جمَع مسائِلَ الإِمَامِ أَحْمَدَ وفتاواه في مجموعٍ ضَخْمٍ يُقال له: جامعُ الخلاَّل، إلاَّ أَنَّه ضاع، ولا يُوجد منه إلاَّ قِطَعٌ يسيرةٌ، ولوْ وُجِدَ لكان فيه علمٌ غزيرٌ، لكنْ لعلَّ اللهَ أَنْ يُيسِّرَهُ ويرُدَّهُ ليُستفاد منه. وكذلك تلميذُه أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيزِ المُسمَّى بغُلام الخلاَّل، وهو تلميذُه الخاصُّ، ولذلك سُمِّيَ غُلامَ الخلاَّل، كأَنَّه مملوكٌ له مِن شدَّة ملازمتِه له، وأَخْذِه عنه، فأَبُو بَكْرٍ الخلاَّل، وأَبُو بَكْرٍ غلامُ الخلاَّل، قالا: بأَنَّه مباحٌ مِن غير كراهةٍ.

القولِ الثَّالثِ: ما ذهَب إِليه الإِمامُ أَبُو يَعْلَى شيخُ المَذْهَبِ إِلى أَنَّه مكروهٌ، كراهةَ تَنْزِيْهٍ، هذا كلُّه في الغِناءِ المُجرَّدِ، الذي هو مجرَّدُ صوتٍ فقط، أَمَّا إِذا كان معه آلاتُ لَهْوٍ ومزاميرُ أَوْ كان يشتمل على المُجُونِ والتَّشْبِيْبِ بالنِّساءِ كما هو الموجودُ الآن في الإِذاعات وعند المُطْرِبين، فهذا لا أَحدَ يقول بإِباحته ممَّن يُعتدُّ بقوله، فهو مُحرَّمٌ، وكذلك إِذا كان فيه هِجاءٌ: يعني ذمٌّ، لأَحدٍ من المسلمين أَوْ فيه مدحٌ كاذبٌ، فلا شكَّ 


الشرح