×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

لا يحرُم إلاَّ التَّماثيلَ، قولُهم غلطٌ كبيرٌ، والصُّوَرُ بجميعِ أَنْواعِها مُحرَّمةٌ تماثيلَ أَوْ غيرَ تماثيلِ إلاَّ الصُّوَرَ المُمْتهَنَةُ، التي تُداس وتُوطأُ أَوْ يُتَّكأ عليها، فهذه لا حُرْمةَ لها؛ لأَنَّه لما هُتك القرامُ وجُعل وسائِد، اتَّكأَ عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وإِنَّما الصُّورُ المُعلَّقةُ، والصُّورُ المحفوظةُ في الصَّناديق للذِّكْريات، والصُّوَرُ المنصوبةُ تماثيلُ على الطَّاولات أَوْ في الميادين أَوْ غير ذلك، هذه كلُّها مُحرَّمةٌ، ويجب إِتْلافُها، ومَنْ أَتْلفَها فلا ضمانَ عليه؛ لأَنَّها مُنكَراتٌ، لكنَّ الذي يُتْلِفُها هو مَنْ لدَيْهِ سُلْطَةٌ.

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول لعَلِيٍّ رضي الله عنه: «لاَ تَدَعْ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَهَا» ([1]) فقال عَلِيٌّ لأَبِي الهَيَّاجِ التَّابعيِّ: «أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ تَدَعَ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَهَا، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ» هذا ما أَمَرَ به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم طمسُ الصُّوَر، أَمَّا أَنَّها تزوق وتُعلَّق ويُعتنى بها وتُوضَع في براويز للزِّينة هذا كلُّه مِن دِين الجاهليَّة، وهذا هو الذي أَوْقع قومَ نُوْحٍ في الشِّرْك، لمَّا نصبوا الصُّوَرَ وعلَّقوها وطال الأَمَدُ ونُسي العلمُ وجاءَ الجُهَّالُ، جاءَ الشَّيْطَانُ وقال: إِنَّ آباءَكم ما نصبوا هذه الصُّوَرَ إلاَّ ليعبُدوها، من ذلك الوقت حدث الشِّرْك في الأَرْض، ثُمَّ بعَث اللهُ نبيَّه نُوْحًا عليه السلام يُنكِر عليهم ذلك فعصوه، ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا [نوح: 23] أَيْ لا تطيعوا نُوْحًا، لا تتركوا هذه الآلهةَ وهذه الصُّوَرَ، هكذا يُوصي بعضُهم بعضًا، والعياذُ بالله، هذا أَصْلُ الصُّوَرِ، وهذه مضرَّتُها على الأُمَّة، أَنَّها منشأٌ للوَثَنِيَّةِ


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (969).