وَهِجْرانُ
مَنْ يَدعُو لأَِمْرٍ مُضِلٍّ *** أَوْ مُفَسِّقٍ احْتِمْهُ بِغَيْرِ تَرَدُّدِ
*****
ما لنا إلاَّ
الظَّاهِر.
يَحرُمُ
التَّجَسُّسُ علَى مَن يُواقِعُ المَعاصِيَ خُفْيَةً بَينَهُ وبينَ نَفسِهِ، هذا
شَرُّهُ قاصِرٌ عليهِ هو، ونحنُ لَيْسَ لنا إلاَّ الظَّاهِر، واللهُ جل وعلا يقول:
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ
أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [النور: 19]، ويقول: ﴿وَ لَا تَجَسَّسُواْ وَلَا
يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ﴾ [الحجرات: 12]، فنحن لَيْسَ لنا إلاَّ الظَّاهِر،
ونَكِلُ سَرائِرَ النَّاسِ إلَى اللهِ سبحانه وتعالى.
فالَّذِي سبقَ
أنَّهُ حَصَلَ مِنهُ شَيءٌ، ولَكِن الآنَ لا يَحصُلُ مِنهُ شيءٌ، ما نَذهَبُ
نَبْحَثُ هذا الشَّيْءَ، ونَقولُ لِلنَّاسِ: فُلانٌ صارَ له كَذا وكذا. نَترُكُ
هَذِه الأُمورَ، وقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ، ولو أنَّ الإنسانَ نَظَرَ إلى نَفسِهِ لَوَجدَ
فِيها عُيوبًا كَثِيرةً، وَوجدَ عِندَهُ خَلَلاً كثيرًا، فالواجِبُ أَنَّ الإنسانَ
يَتَفَقَّدُ نَفْسَهُ هُو.
«إِذَا لَمْ
يُجَدِّدِ» إذا لَمْ يُعِدِ الشَّيْءَ، ويُكَرِّرْهُ، وإنَّمَا هو شَيْءٌ قديمٌ فَلا
تَبْحَث عَنْهُ. العاصِي الَّذِي تَرَكَ المَعصِيةَ، لا تَبْحَثْ عَمَّا مَضَى،
اللهُ يَتُوبُ عَلَى مَنْ تابَ. انظُرْ إِلَى الحاضِرِ، ولا تَنظُرْ إِلَى
المَاضِي.
هذا الدَّاعِيَةُ
المُبتَدِعُ الَّذِي يَدعُو إِلَى بِدْعةٍ، فهذا يَجِبُ هجره والابتعاد عَنْهُ.
كالَّذِي يَدعُو النَّاسَ إِلَى السُّفُورِ، ويَدعُوهمْ إِلَى تَرْكِ الأَمْرِ بالمَعرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، ويَدعُوهُم إِلَى الرِّبا، ويَقولُ: الاقتصادُ لا يَصلُحُ إلاَّ بالمُعاملاتِ العَصرِيَّةِ، ولَوْ كانَ فِيهَا رِبًا. فالَّذِينَ يَدعُونَ إِلَى هذهِ الأُمُورِ يَجِبُ هَجرُهُم، ويَجِبُ الإنكارُ الشَّدِيدُ عَليهِمْ والتَّحذِيرُ مِنهُم،