وَيَقْضِي
أُمُورَ النَّاسِ فِي إِتْيانِهِ *** وَلاَ هَجْرَ مَعْ تَسْلِيمِهِ المُتَعَوَّدِ
وَحَظْرُ
انتِفَا التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلاثَةٍ *** عَلَى غَيْرِ مَنْ قُلْنَا
بِهَجْرٍ فَأَكِّدِ
*****
أَجْلِ أَنْ يَكُفَّ شَرَّهُم عَنْ المُسلمِينَ،
وَيُناظِرُهُم إذا عُقِدَتْ مُناظَراتٌ، يُناظِرُهُم لأَجْلِ رَدِّ شَرِّهِمْ.
يُباحُ
مُخالَطَتُهُم لأَِمْرَيْنِ:
الأمْرِ الأوَّلِ: إِمَّا للرَّدِّ عَلَيْهِمْ
وَدَحْضِ شُبُهاتِهِمْ.
الأَمْرِ الثَّانِي: لقَضاءِ حَوائِجِ
النَّاسِ، إذا كانَ عِندَهُم حَوائِجُ للنَّاسِ، فَهُوَ يتَّصِلُ بِهِم مِنْ
أَجْلِ قَضاءِ حَوائِجِ النَّاسِ الَّتِي عِندهُم، لاَ لأَِجْلِ مَحبَّتِهِم أو
مُناصَرَةِ باطِلِهم؛ وإنَّما لأجْلِ أَخْذِ حُقوقِ النَّاسِ الَّتِي عِندَهُم.
فِي هَذِهِ الحالَةِ
لا يَهجُرُهم؛ لأنَّ الهَجْرَ يُصْبِحُ ضَرَرًا، فالإنسانُ الَّذِي عِندَهُ
مَقْدِرَةٌ عَلَى الرَّدِّ أَوْ أَخْذِ حُقوقِ النَّاسِ مِنهُم إذا هَجرَهُم
تَسلَّطُوا، فَكونُهُ يُقاوِمُهم، وَيأخُذُ حُقوقَ النَّاسِ مِنهُم هذا مَصلَحةٌ
راجِحَةٌ. أَمَّا إذا تَركَهُم تَسلَّطُوا عَلَى النَّاسِ، وأَكلُوا حُقوقَهُمْ.
هَذِهِ مَسألةُ
الهَجْرِ بَينَ المُسلمِينَ، إذا صارَ بَينكَ وبَينَ أَحَدٍ مِن إِخوانِكَ
إِشْكالٌ، وَصارَ فِي نَفسِكَ عليهِ شَيءٌ مِن أُمورِ الدُّنيا، إِمَّا خُصُومةٌ
أو كَلامٌ تَكَلَّمَ عليكَ، وإمَّا أنَّهُ أساءَ إليكَ بِشَيْءٍ لَيْسَ مِن
أُمُورِ الدِّينِ، فهذا لا تَهجُرُه؛ العَفوُ والمُسامَحةُ والصُّلْحُ خَيْرٌ ﴿فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ
فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 40]، ولكِن إِنْ كانَ لا بُدَّ مِن أَنْ
تَشْفِيَ نَفسَكَ مِمَّا عِندكَ عَليهِ، فالرَّسُولُ أَباحَ لكَ ثَلاثَةَ
أَيَّامٍ، تَهجُرُهُ ثُمَّ بَعدَ ذلك تُسلِّمُ عليهِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ
يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ،