وَيُكْرَهُ
لِلْمَرْءِ الجُلُوسُ مَعَ امْرِئٍ *** دَنِيٍّ وَمَعْ ذِي
الفِسْقِ أَوْ ذِي الرِّيَا الرَّدِ
*****
يَلْتَقِيَانِ
فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ» ([1]) فَثلاثَةُ أَيَّامٍ
سُمِحَ بِها مِن أَجْلِ أَنْ يَذْهَبَ ما فِي نَفْسِكَ، وما زادَ عَنِ الثَّلاثِ
فلا يَجُوزُ.
هذا فِي اخْتِيارِ
الجَلِيسِ: يَختَارُ المُسلِمُ الجليْسَ الصَّالِحَ الَّذِي يَستفِيدُ مِنهُ، ولا
يَجلِس مَع الجلِيسِ الرَّدِي. الرَّدِي فِي دِينِه أوْ فِي عِرْضِهِ أو فِي
أَخْلاقِهِ، ولا يَجْلِس مَع السُّفهاءِ أَوْ مَعَ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسُوا
هُم فِي مُستَواهُ، إِنَّما يَجلِسُ مَع مَن يَستفِيدُ مِنهُم، قالَ صلى الله عليه
وسلم: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، إِمَّا أَنْ
يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ
رَائِحَةً طَيِّبَةً» وَقْتَ جُلوسِكَ عِندهُ، «وَمَثَلُ جَلِيسِ السَّوْءِ
كَنَافِخِ الْكِيرِ، إِمَّا أَنْ يَحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ
رِيحًا مُنْتِنَةً» ([2])، فاختر الجلِيْسَ
الصَّالِحَ الطَّيِّبَ الَّذِي تَستَفِيدُ مِنهُ، وَلا يَتَنَقَّصُكَ، وَيقُولونَ:
المَرْءُ مِن جَلِيسِهِ، يُوزَنُ المَرءُ بِجَليسِهِ، كَما قالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا صَحِبْتَ
قَوْمًا فاصْحَبْ خِيارَهُمْ *** وَلاَ تَصْحَبِ الرَّدِي فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي
وقال الآخر:
عَنِ المَرْءِ لاَ
تَسْأَلْ وَاسْأَلْ عَنْ قَرِينِهِ *** فَكُلُّ قَرِينٍ بِالمُقَارَنِ يَقْتَدِي
فالنَّاسُ يَزِنُونَ الأَشْخاصَ بِجُلَسائِهِم، فإِنْ كانُوا يَجلِسُونَ مَع الطَّيِّبِينَ ومَعَ الرِّجالِ فإِنَّهُم يَرتفِعُ قَدْرُهُم عِندَهُم، وإن كانُوا يُجالِسُونَ الأسافِلَ والأراذِلَ فإنَّها تَنْزِلُ مَنزِلَتُهُم عِندَ النَّاسِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6077)، ومسلم رقم (2560).