×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَصَافِحْ لِمَنْ تَلْقَاهُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ *** تَنَاثَرْ خَطَايَاكُمْ كَمَا فِي المُسْنَدِ

ولَيْسَ لِغَيْرِ اللهِ حِلُّ سُجُودِنَا *** وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الثَّرَى بِتَشَدُّدِ

وَيُكْرَهُ مِنْكَ الانْحِنَاءُ مُسَلِّمًا *** وَتَقْبِيلُ رَأْسِ المَرْءِ حِلٌّ وَفِي اليَدِ

وَحَلَّ عِنَاقٌ لِلْمُلاَقِي تَدَيُّنًا *** وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الفَمِ افْهَمْ وَقَيِّدِ

*****

هذا مِن أَحكامِ السَّلامِ أيضًا: المُصافَحَةُ، وتَقبِيلُ الرَّأْسِ، والمُعانَقَة.

أَمَّا الإِنسانُ الَّذِي فِي البَلَدِ هذا إِذَا لَقِيتَهُ تُصافِحُهُ، ولا حاجةَ إِلَى المُعانَقَةِ. وأمَّا تَقبِيلُ الرَّأْسِ فهذا لِذَوِي الشَّأْنِ مِنَ العُلَماءِ أَوِ الوَالِدِ. أمَّا المُعانَقَةُ فَهِيَ إِنَّما تُشرَعُ للغائِبِ إِذا قَدِمَ، والمُعانَقَةُ: مَعناها الالتِزامُ وَضَمُّهُ إِليْكَ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لما قَدِمَ عَليهِ جَعفَرُ بْنُ أَبِي طالبٍ رضي الله عنه قامَ صلى الله عليه وسلم، وَعانَقَهُ، وقَبَّلَ ما بينَ عَيْنَيْهِ؛ لأنَّهُ قادِمٌ مِن سَفَرٍ، فهَذِهِ الأحوالُ الثَّلاث.

هذا مِن أَحْكامِ السَّلامِ، وهُو حُكْمُ السُّجُودِ للمُسَلَّمِ عليهِ أَو الانْحِناءِ لَهُ أَوْ تَقبِيلِ الأرضِ بَينَ يدَيْهِ، هذا كُلُّهُ حَرامٌ، لا يجُوزُ السُّجُودُ تَحِيةً لِلمُسَلَّمِ عَليْهِ! إِنَّما هذا من فِعْلِ الأَعاجِمِ، ولا يَجُوزُ الانحِناءُ لَهُ؛ لأَنَّ هذا نَوْعٌ مِن الرُّكُوعِ، ولا يَجُوزُ تَقبِيلُ الثَّرَى بَينَ يَدَيْهِ تَعظِيمًا لَهُ، وهذا غَيْرُ السُّجُودِ، السُّجُود بالجَبْهَةِ. وأمَّا التَّقبِيلُ فهو بالفَمِ، كُلُّ الأحوالِ الثَّلاثة لا تَجُوزُ. وبَعضُهُم يقولُ: إِنَّ الانحناءَ مَكرُوهٌ، ولَيْسَ حَرامًا.

«ويُكْرَهُ تَقبِيلُ الفَمِ» التَّقبِيلُ يكُونُ عَلَى الجَبْهَةِ، ولا يَكونُ عَلَى الفَمِ، كما قَبَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ما بينَ عَيْنَيْ جَعْفَر ([1]). أو يُقبِّلُ رَأسَهُ،


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (5220).