×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَنَزْعُ يَدٍ مِمَّنْ يُصَافِحُ عَاجِلاً *** وَأَنْ يَتَنَاجَى الجَمْعُ مَا دُونَ مُفْرَدِ

وَأَنْ يَجْلِسَ الإِنْسَانُ عِندَ مُحَدِّثٍ *** بِسِرٍّ وَقِيلَ احْظُرْ وَإِنْ يَأْذَنِ اقْعُدِ

*****

 أمَّا عَلَى الفَمِ إِنَّما هذا بَينَ الزَّوجِ وَزَوجتِهِ، فلا يُقبِّلُ النِّساءَ عَلَى الفَمِ، ولوْ كَانَتْ قَرِيبةً لَهُ، والتَّقبِيلُ عَلَى الخَدِّ أيضًا إذا كان فِيهِ فِتْنةٌ أيضًا لا يُفعَل، أَمَّا إذا لم يكُنْ فِيهِ فِتْنةٌ فلا بَأْسَ، النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ فاطمةَ رضي الله عنها عَلَى خَدِّها، ويجوزُ تَقبِيلُ يَدِ المُسلمِ عَلَيْهِ.

مِن آدابِ السَّلامِ أنَّهُ إذا صَافحَكَ أَخُوكَ فَلا تَنزِعْ يَدَكَ مِن يَدِه؛ حَتَّى يَنزِعَهَا هُو؛ لأنَّكَ لَوْ جَرَرْتَ يَدَكَ مِنهُ أَثَّرَ ذلِكَ فِي نَفسِهِ، أَمَّا إذا صَبرْتَ إِلَى أنَّهُ يَنزِعُ يَدَهُ فهذا هو المُناسب.

وَمِن آدابِ المجالسِ أنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَتَناجَى اثنانِ دُونَ الثَّالِثِ؛ لأنَّ هذا يُسِيءُ إِلَيْهِ، وَرُبَّما يُسيءُ الظَّنَّ بِهِم، وأنَّهُم يَتآمَرُونَ عَليهِ أَوْ أنَّهُم يَسُبُّونَهُ، أو أنَّهُم يَغتابُونَهُ، أوْ يَظُنُّ أنَّهُم يَحتَقِرُونَه، قالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ» ([1])، وقالَ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» ([2]).

يُكْرَهُ «وَقِيلَ احْظُرْ» يَعنِي يَحرُمُ عَلَى الإنسانِ أَنْ يَجْلِسَ عِندَ واحِدٍ يَتحَدَّثُ مَعَ آخَرَ؛ لأنَّهُ رُبَّما يَكونُ الحديثُ حَدِيثَ سِرٍّ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الآْنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([3]) والآنُك: هو الرَّصاصُ المُذاب. وهذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ؛


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (6288)، ومسلم رقم (5930).

([2] أخرجه: البخاري رقم (6290).

([3] أخرجه: البخاري رقم (7042).