×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَوَقْفَتُهُ تِلْقَاءَ بَابٍ وَكُوَّةٍ *** فَإِنْ لَمْ يُجَبْ يَمْضِي وَإِنْ يَخْفَ يَزْدَدِ

*****

«ثلاثًا» يَعنِي الاستِئذان، قالَ صلى الله عليه وسلم: «الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثًا، فَإِنْ أُذِنَ لَكُمْ، وَإِلاَّ فَارْجِعُوا» ([1])، اللهُ جل وعلا يَقولُ: ﴿وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ [النور: 28].

ويُكْرَهُ أَنْ يَقِفَ أَمامَ البابِ حِينَما يَستأذِنُ؛ لِئَلاَّ يَرى شيئًا داخِلَ البابِ مِن عَوْراتِ أَهْلِ البيتِ، فِيكونُ عَلَى جانِبِ البابِ مِنْ يَمِينٍ أوْ مِن يَسارٍ. البابُ إذا كانَ فِيهِ فَتَحاتٌ أو فِيهِ شُقوقٌ، والغالِبُ أنَّ الأبوابَ -لا سِيَّما فِي الزَّمانِ الأَوَّلِ كانَتْ- فِيهَا شُقوقٌ وفِيها فَتَحاتٌ، فإذا وَقفَ أمامَ البابِ نَفَذَ بَصرُهُ إِلَى مَنْ وَراءَهُ، فرُبَّما يَرَى شيئًا من عَوْرَةِ أهْلِ البَيتِ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم استأذنَ عَليهِ رَجلٌ، فَصارَ الرَّجلُ يَنظُرُ مِن خِلالِ البابِ، فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَمَّ أنْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ ([2])؛ لأنَّهُ أَساءَ الآدابَ، وكانَ صلى الله عليه وسلم إذا استأذنَ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَقِفُ عَلَى جانبِ البابِ، ولا يَقِفُ أَمامَهُ ([3]).

وكذلِكَ «الكُوَّة» وهيَ الفَتحَة الَّتِي فِي الجِدارِ؛ فلا يَقِف أَمامَها، بلْ يَتَنحَّى عَنْها. كُلُّ هذا مِن أجْلِ حُقوقِ المُسلِمينَ واحتِرامِ المُسلِمينَ، وعَدَمِ الاطِّلاعِ عَلَى أَسْرارِهِم وَعَوْراتِهِم.

«وَإِنْ يَخْفَ يَزْدَدِ» يعني: إِذا كانَتِ الثَّلاثُ يُظَنُّ أنَّهُم ما سَمِعُوها؛ لأنَّ صَوْتَهُ خافِتٌ، خفِيٌّ؛ فَإِنَّهُ يَزيدُ عن الثَّلاثِ للحاجةِ. أَمَّا إذا كانَ صَوتُهُ يَسمَعُونَه، ويَنفُذُ إِلَيهِم فلا حاجةَ إِلَى الزِّيادَةِ.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (2153).

([2] أخرجه: البخاري رقم (6241).

([3] أخرجه: أبو داود رقم (5186).