×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَتَحْرِيكُ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارُ حِسِّهِ *** لِدَخْلَتِهِ حَتَّى لِمَنْزِلِهِ اشْهَدِ

وَإِنْ نَظَرَ الإنْسَانُ مِنْ شَقِّ بَابِهِ *** بِلا إِذْنِهِ إِنْ يَفْقَ عَيْنَيْهِ لَمْ يَدِ

وَسِيَّانُ مِنْ دَرْبٍ وَمِنْ مُلْكِ نَاظِرِ *** وَمِنْ كُوَّةٍ أَوْ مِنْ جِدارٍ مُشَيَّدِ

*****

ولكِنِ اليَوْمَ المَبانِي الجَدِيدةُ وَنظامُ المَساكِنِ غَيرُ الأوَّلِ، فماذا تَصنَعُ؟ تَستخدِمُ الوَسيلةَ الَّتِي تُبلِّغُ، وهيَ الأَجْراسُ الَّتِي تَدُقُّ عِندَهُم، فَيَصِلُ صَوتُها إليْهِم ثَلاثَ مَرَّاتٍ، تَضْرِب الجَرسَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وتَقولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. ثم تَنصرِفُ، إلاَّ إنْ كانَ غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ أنَّ الجرسَ ما وَصلَ صَوتُهُ؛ فلا بَأْسَ أَنْ تَزِيدَ.

وَمِنْ آدابِ الدُّخُولِ فِي المَنازِلِ - حَتَّى مَنْزِلِهِ الخاصِّ بهِ الَّذِي فِيهِ زَوجَتُهُ وَأَهْلُه - يَنبَغِي أنْ يَكُونَ هُناكَ حَركَةٌ تُنَبِّهُهُم للدُّخولِ كَالنَّحْنَحَةِ، وكتحريك النَّعْلِ؛ حَتَّى يَكُونُوا عَلَى أُهْبَةٍ لِدُخُولِهِ. ولا يَدخُلْ مُتَخَفِّيًا، ولَيْسَ لَهُ صَوتٌ؛ حَتَّى يَقِفَ عَلَيْهِمْ؛ لأنَّ هذا فِيهِ إِساءَةٌ إليهِمْ.

حَرَّمَ اللهُ الاطِّلاعَ عَلَى عَوْراتِ البُيُوتِ، فإذا تَعمَّدَ النَّظَرَ إِلَى داخِلِ البَيتِ فَلِصاحِبِ البَيْتِ أَنْ يَخذِفَهُ بِشَيْءٍ؛ لأنَّ هذا بِحُكْمِ الصَّائِلِ المُعتَدِي. فإِنْ فَقَأَ عَيْنَهُ، فَلا دِيَةَ،؛ لأنَّ هذا مَأذُونٌ فِيهِ شَرْعًا دفعًا لِشَرِّهِ.

سواءً نَظَرَ إِلَى بُيوتِ النَّاسِ مِن «الدَّرْبِ» يَعنِي مِنَ السُّوقِ، أَو نَظرَ إليْهَا مِن مُلْكِهِ هو: بِأَنْ يَكُونَ مُجاوِرًا لَهُم فَينظُر إِلَى جِيرانِهِ، «أَوْ مِن جِدَارٍ» يكونُ الجِدارُ فِيهِ فَتحاتٌ أو فِيهِ شُقُوق، أو مِن أعَلَى السَّطْحِ فَينظُرُ فِيهِ أو مِنْ خِلالِ نَوافِذَ يَنظُرُ إِلَى الجِيرانِ. كُلُّ هذا مُحَرَّمٌ، وَلَهُم أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ دَفْعًا لِشَرِّهِ، وهذا أمرٌ لا يَفْطِنُ له كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ،


الشرح