×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلَوْ مَعَ إِمْكانِ الدِّفاعِ بِدُونِهِ *** وَفَقْدِ النِّسَا أَوْ كَوْنِ مَحْرَمِ مُعْتَدِ

وَلاَ تَخْذِفِ الأَعْمَى وَقَالَ أَبُو الوَفَا *** بَلَى إِنْ يَكُنْ يَسْمَعْ لَيُخْذَفْ وَيُصْدَدِ

*****

يَتطَلَّعُونَ إِلَى عَوْراتِ الجِيرانِ مِن خِلالِ النَّوافِذِ، لا سِيَّما المَبانِي الحَدِيثةُ الَّتِي: تُجعل النَّوافِذُ عَلَى الجِيرانِ، وهذا خَطرٌ عَظيمٌ؛ فَيَجِبُ التَّحفُّظُ مِن هَذا، بل بَعضُهم يَستعمِلُ الشَّيءَ الَّذِي يُقرِّبُ البَعيدَ لِعَيْنِه، كالنواظير.

فَلَهُم أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ، ولو أَمكنَ الدِّفاعُ بِدُونِ الفَقْءِ؛ لأنَّ الرَّسُولَ أَذِنَ بِفَقْءِ عَينِهِ، فلا يَستعمِلُونَ الأسهلَ مَعهُم، بل َلَهُم أَنْ يَستعمِلُوا الأشَدَّ، ولا سِيَّما الاطِّلاعُ عَلَى النِّساءِ، وَسَواء فِي هذا أنَّهُ يَطَّلِعُ مِن بَيتِهِ أو مِنْ بَيْتِ غَيرِه.

فلا يَنظُر حَتَّى إِلَى مَحارمِهِ فِي بيتِ غَيرِه. يقول: هذا البيتُ فِيهِ بَعضُ نِسائِي. لا، وهو بَيتٌ لِغَيرِهِ، ولو كَانَتْ نِساؤُهُ عِندَ الجِيرانِ.

الأعْمَى يَنتفِي فِي حَقِّهِ النَّظرُ إِلَى العَوراتِ؛ لأنَّهُ أَعْمَى؛ فلا مانِعَ إذا صَارَ أَمامَ البَيْتِ، أو حِذاءَ كُوَّةِ الجِدارِ أو غَيْر ذلِكَ لِفُقْدانِ المَحظُورِ، ولكِنْ أَبُو الوَفا بْنُ عقيلٍ رحمه الله يقولُ: حَتَّى الأعْمَى؛ لأنَّهُ إذا لم يُبصِرْ فَهُو يَسمَعُ، فأيضًا يُمنَعُ مِن هذا الشَّيءِ؛ لأنَّ عِندَه السَّمْعُ، لا سِيَّمَا وأَنَّ العُمْيَانَ فِي الغالِبِ أَشَدُّ إِدراكًا وَحَساسِيَةً مِنَ المُبصِرينَ، وهذا شيءٌ مَعرُوفٌ. إِنَّ الأَعْمَى فِي الغالِبِ أنَّهُ أَشَدُّ إِدْراكًا وحَساسِيَةً مِن المُبصِرِ؛ فَيكُونُ الخَطرُ مَوجُودًا فِي حَقِّهِ.


الشرح