×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَوَاجِبُ التَّعْدِيلِ بَيْنَ بَنِيهِ فِي الْـ *** ـعَطِيَّةِ كَالمِيرَاثِ مِنْ كُلِّ مَحْتِدِ

*****

 لمَّا انْتهَى مِن حُقوقِ الوَالدَيْنِ، انتقلَ إِلَى حَقِّ الأَولادِ، فالأولادُ لَهُم حَقٌّ عَلَى والِدِهم: بأنْ يُربِّيهُم عَلَى الخيرِ، ويُعلِّمُهُم دِينَهُم وما يَنفَعُهُم، وأنْ يُبعِدَهُم عنِ الشَّرِّ وقُرناءِ السُّوءِ؛ حَتَّى يَكبَرُوا، ويَعرِفُوا مَصالِحَ أَنفُسِهِم. فَتربِيَةُ الأولادِ مِن حُقُوقِهم عَلَى والدِهِم، قالَ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ([1]) هَذِهِ تربيةٌ، وكذلِكَ تَعلِيمُهُ القُرآنَ والسُّنَّةَ والعِلْمَ النَّافِعَ، هذا مِن حَقِّ الوالِدِ عَلَى والدِهِ، ونَهيُهُ عَنِ المُحرَّماتِ وعَن قُرَناءِ السُّوءِ، وعَن فِعْلِ المُحرَّمِ، حتَّى ولو كانَ غَيْرَ مُكلَّفٍ، ولا يَأْثَمُ، ولكِنْ تُربِّيهِ عَلَى ذلِك.

وَكَذلِكَ مِن حَقِّ الأولادِ العَدْلُ بَينَهُم فِي العَطِيَّةِ، بأنْ لا تُعطِيَ بَعْضَهُم، وتَحْرِمَ بَعضَهُم؛ فَتعْدِلُ بينَهُم، بأنْ تُعطِيَ الذَّكَرَ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ؛ إقتداءً بِقِسْمَةِ اللهِ جل وعلا. ولا تَحْرِمْ بَعْضَهُم، وتُعْطِي بَعضَهُم، جاءَ رجلٌ مِن الصَّحابَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو بَشِيرُ بنُ سَعدٍ رضي الله عنه ؛ ليُشْهِدَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَطِيَّةٍ أَعْطاها لابْنِهِ النُّعمانِ بنِ بَشِيرٍ، فجاءَ؛ لِيُشْهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: «أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا؟» قالَ: «لاَ» قالَ: «أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي؛ فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» فقالَ صلى الله عليه وسلم: « اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»، وقالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ لَكَ سَوَاءً؟». قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: «فَلاَ إِذًا» ([2]).


الشرح

([1] أخرجه: أبو داود رقم (495)، وأحمد رقم (6717)، والحاكم رقم (708).

([2] أخرجه: البخاري رقم (2650)، ومسلم رقم (1623).