×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَأُمٍّ مَعَ الأَوْلادِ مِثْلِ أَبِيهِمْ عَلَيْها *** احْتِمِ التَّعْدِيلَ فِي القَسْمِ تَرْشُدِ

وَمَا الأَبُ فِي تَخْصِيصِهِ بَعْضَ وَلَدِهِ *** لِقَصْدٍ صَحِيحٍ آثِمًا بَلْ لَيُحْمَدِ

*****

يَجِبُ عَلَى الأُمِّ أَنْ تَعدِلَ بَينَ أَولادِها فِي العَطِيَّةِ مِثْل ما يَجِبُ عَلَى الأبِ. الحديث وَارِدٌ فِي الأبِ، ولَكِنَّ الأمَّ تَدخُلُ فِيهِ أيضًا؛ لأنَّهَا والِدٌ، ولأنَّ المَعنَى المَوجُودَ فِي الأبِ مَوجُودٌ فِيها، فلا تُعطِي بَعْضَ أَولادِهَا، وتَحْرِمُ الآخرينَ أَوْ تُعطِي الذُّكُورَ، وتَحْرِم الإِناثَ، أو تُعْطِي الإناثَ، وتَحرِمُ الذُّكُورَ، بل تَعدِلُ بَينَهُم، كالوالدِ.

عَلَى الأُمِّ أَنْ تَعدِلَ فِي العطِيَّةِ، وعَلَيْها التَّربِيَةُ، فعَلَيْها قِسطٌ مِن تَربِيَةِ الأولادِ، ولَيْسَ المُرادُ تَربِيةَ أَجسامِهِم فَقَط، ولكِنَّ الأهمَّ مِن ذَلِكَ تَربيتُهُم التربيةَ الدِّينِيَّةَ، فَتَبْقَى مَعهُم فِي البيتِ؛ لأجلِ كَثْرَةِ خُروجِ الوالِد وسَفَرِهِ؛ فتكونُ هي الخليفَةَ بعدَ أَبِيهِمْ. الأُمُّ عَلَيْها مَدارٌ عَظيمٌ فِي تَربيةِ الأولادِ؛ ولهذا يَقولُ الشَّاعِرُ:

وَالأُمُّ مَدرسَةٌ إِذا أَعْدَدْتَها *** أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ

فالأُمُّ لها دَوْرٌ فِي تربيةِ الأولادِ، ولكِن ماذا نَقولُ فِي هذا الزَّمانِ الَّذِي صارَتِ النِّساءُ تَخرُجُ إِلَى الأعمالِ والوظائفِ والدِّراسَةِ، وتَترُكُ الأولادَ بِدُونِ مُرَبٍّ، أوْ تَترُكُهم إِلَى مُرَبٍّ أَجنبِيٍّ، بَلْ قد يَكونُ مُربِّيًا كافرًا، فهذا مِن الانتِكاسِ، فالأمُّ طَرَحَتِ المَسئُولِيَّةَ الَّتِي أَوجَبَها اللهُ عَلَيْها، وخَرجَتْ، وتَركَتْ أولادَها؛ فَهذا تَرْكٌ لِواجِبٍ عظيمٍ.

اسْتثْنَى مِن التَّعدِيلِ بَينَ الأولادِ إذا كانَ إِعطاؤُهُ لِبَعضِهِم لِغَرضٍ صحيحٍ، كأَنْ يكونَ فَقِيرًا، وهُم أَغنِياءُ، فَلا بَأْسَ إذا كانَ أَحدُهُم فَقِيرًا أو مَدِينًا، عليهِ دُيونٌ فَساعَدَهُ فِي سَدادِها، فلا بأسَ بِذلِكَ، أو كانَ 


الشرح