×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

كَتَطْلابِ عِلْمٍ لاَ يَضُرُّهُمَا بِهِ *** وَتَطْلِيقِ زَوْجَاتٍ بِرَأْيٍ مُجَرَّدِ

*****

«سِوى فِي حَرامٍ» فلا تُطِعْ وَالِدَكَ فِي الحرامِ، ﴿وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا لو قالَ لك والِدُكَ: اترُكِ الإسلامَ، أوِ اذْهَبْ مَعِي إِلَى زيارَةِ القُبورِ لِدُعائِها وَعِبادَتِها والذَّبحِ لها والنَّذْرِ لها، أنا والِدُكَ، اذْهَبْ مَعِي، وأَعِنِّي، وَساعِدْنِي عَلَى ذَبْحِ القَرابِين للأَمواتِ، أو دُلَّنِي عَلَى الضَّرِيحِ، خُذْ بِيَدِي، ودُلَّنِي عَلَى الضَّرِيحِ أوْ ساعِدْنِي فَلا تُطِعْهُ؛ لأنَّهُ لا طاعةَ لِمَخلُوقٍ فِي مَعصيَةِ الخالِقِ، وقالَ تَعالَى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ[المائدة: 2]، فلا تُطِعْهُ فِي مَعصِيَةِ اللهِ مِن فِعْلٍ مُحَرَّمٍ أو تَرْكِ وَاجبٍ، لو قالَ لك: لا تُصَلِّ، أَوْ لا تُصَلِّ مَعَ الجماعَةِ، لا تُطِعْهُ.

«أَوْ لأِمْرٍ مُؤَكَّدٍ» يعني لو مَنعَكَ أَنَّكَ تَعمَلُ بالأمْرِ الَّذِي يَقتَضِي الوُجوبَ، حَتَّى السُّنَن المُؤَكَّدَة لا تُطِعْهُ فِي تَرْكِها، لو قالَ لك: لا تُوتِرْ، لا تُصَلِّ الرَّواتِبَ الَّتِي مع الفرائضِ، لا تَقُم فِي صَلاةِ اللَّيلِ. لا تُطِعْهُ فِي هذا؛ لأنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤكَّدةً؛ فلا تُطِعْهُ فِي تَرْكِها.

«كَتَطْلاَبِ عِلْمٍ لاَ يَضُرُّهُما بِهِ» لو مَنعكَ مِن طَلبِ العِلْمِ، نَظَرْنَا: فَإِنْ كانَ عَليهِ مَضَرَّةٌ فِي كَوْنِكَ تَطلُبُ العِلْمَ بِأَنْ يَكُونَ مُحتاجًا لكَ للبَقاءِ عِندَهُ وخِدْمَتِهِ ومُساعَدتِهِ، فإنَّكَ تُقدِّمُ طاعَتَهُ. أَمَّا إذا كانَ ما يَتضرَّرُ بِذَهابِكَ لِطَلَبِ العِلْمِ، فلا تُطِعْهُ فِي تَرْكِ طَلبِ العِلْمِ. هذا هو التَّفصِيلُ فِي هَذِهِ المسألةِ الَّتِي يَسأَلُ عَنْهُا كثيرٌ مِن النَّاسِ، يَقولُ: وَالدِي يَمنَعُنِي من طلب العلم. نقول له: هل عَلَى وَالدِكَ ضَررٌ إذا ذَهبْتَ؟ يقولُ: لاَ، ما عليه ضرر. نقول له: لا تُطِعْهُ، وتَتْرُكَ العِلْمَ، وإنْ قالَ: عليه ضرَرٌ،


الشرح