قُلنا له: اِدفَعِ
الضَّررَ عَنْهُ؛ لأنَّ حَقَّهُ مُتأكِّدٌ عَليكَ فادْفَعِ الضَّررَ عَنْهُ.
«وَتَطلِيقُ زَوجاتٍ بِرَأْيٍ مُجَرَّدٍ» وكذلك إذا أَمَركَ وَالِدُكَ بِطَلاقِ زَوجَتِكَ بِدُونِ مُسوِّغٍ شَرعِيٍّ، وزَوجُكَ مُستَقِيمَةٌ، ولَيْسَ عَلَيْها مأخَذٌ فِي دِينِها وَلا عِرْضِها، وإنَّما لأمرٍ نَفْسِيٍّ فَقَط، أو هَوًى، فلا يَلزَمُكَ طاعَتُهُما فِي ذلك، فلا تُطلِّقْ زَوجتَكَ مِن أَجْلِ رَغبَتِهِما النَّفسِيَّة؛ لأنَّ أَبْغَضَ الحلالِ عِندَ الله الطَّلاقُ، وهذا لَيْسَ للوالدِ مِنهُ غَرضٌ صَحِيحٌ، إِنَّما هُو مُجرَّدُ هَوًى؛ فلا تُطِعْهُ فِي ذلِكَ، والوالد والوالدة سواءٌ فِي هذا. أمَّا إذا كانَ هناك مَلْحَظٌ شَرعِيٌّ فِي الزَّوجةِ أنَّهُا مُفرِّطَة فِي دِينٍ، أو أنَّهَا مُتساهِلَة فِي عِرْضِها، أو كانَتْ تُؤذِي وَالدَيْكَ، وتُسِيءُ إِليهِمَا؛ وأمرَكَ والِدُكَ بَل حَتَّى ولوْ لم يَأمُرْكَ والِدُكَ فإنَّكَ تُطلِّقُها ابتعادًا عَنِ الضَّرَرِ فِي الدِّينِ والدُّنْيا، فإنْ قُلْتَ: إِنَّ عُمرَ رضي الله عنه أمَرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ بِتَطلِيقِ زَوجتِهِ، فجاءَ ابنُهُ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وقالَ: «إِنَّ عُمَرَ يُريدُ مِنِّي أَنْ أُطَلِّقَ زَوجَتِي» فقالَ له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «طَلِّقْهَا» ([1]) قيلَ: هذا خاصٌّ بِمِثْلِ عُمَرَ رضي الله عنه. عُمَرُ لا يَأخُذُهُ الهَوَى، وَيأخُذُهُ الشَّهوَةُ النَّفسانِيَّةُ، لا يَأخُذُه ذلِك، أمَّا غَيرُهُ فإِنَّهُ لا يُؤمَنُ أنَّهُ مُتَغرِّضٌ أو أنَّهُ مُتَشَهٍّ أو أنَّهُ ظالِمٌ، فَعُمَرُ لَيْسَ مِثْلَ غَيرِهِ؛ ولهذا جاءَ رجلٌ يسألُ الإمامَ أَحْمَدَ رحمه الله بأنَّ أباهُ أَمرَهُ أَنْ يُطلِّقَ زَوجتَهُ، قال له أَحمدُ رحمه الله: «لاَ تُطَلِّقْهَا» قالَ: ألَيْسَ عُمَرُ لمَّا طلبَ طلاقَ زَوجةِ ابنِه طَلَّقَها؟ قالَ: «وَهَلْ أَبُوكَ مِثلُ عُمرَ؟!!».
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (5138)، والترمذي رقم (1189)، وأحمد رقم (4711).