وَلاَ
تَتْبَعْ عِلْمَ النُّجُومِ سِوَى الذِي *** إِلَى جِهَةٍ
يَهْدِي وَوَقْتَ تَعَبُّدِ
فَغَايَتُهُ
عِلْمُ الكُسُوفِ وَمَا بِهِ *** انْتِفَاعٌ لِذِي لُبٍّ وَلاَ حُسْنُ مَقْصِدِ
*****
عِلمُ النُّجومِ
يُباح منه ما فيه مِن فَائِدةٍ دُون مَضرَّةٍ، وَذلِك مِثل مَعرِفَةُ جِهةِ
السَّيرِ، قال تَعَالَى: ﴿وَعَلَٰمَٰتٖۚ وَبِٱلنَّجۡمِ هُمۡ يَهۡتَدُونَ﴾ [النحل: 16]،
فَتَهتَدي به في السَّير: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي
ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۗ﴾ [الأنعام: 97]، يَسيرُ الناسُ في البَحرِ أو في البَرِّ
في ظَلامِ اللَّيلِ على النُّجومِ، يَعرفُونَ بها الجِهَة التي يَقصِدُونَها،
وكَذلكَ عِلمُ التَّوقيتِ من أوقاتِ الصَّلواتِ، هَذا يُؤخذُ مِن سيرِ الشَّمسِ في
درجاتِ الفَلكِ، يَعرفُه الحَاسِبونَ.
وقال سبحانه وتعالى:
﴿لِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ
ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ﴾ [يونس: 5]، فَهذا عِلمُ الحِساب الذِي يُعرفُ به
المَواقِيت، مِثل ما يُعملُ الآنَ من التَّقاويم التي يَعتَمدُها النَّاس في
أشْهُرِهم، وفي مَواقيتِ صَلاتهم، هذا مُباحٌ، ويُسمُّونه عِلم التَّسييرِ، أمَّا
النَّوع الأوَّلُ فَهو عِلمُ التَّأثيرِ، وهو حَرامٌ وشِركٌ باللهِ عز وجل.
كذلك ممَّا يُعرفُ
بواسِطتِه عِلمُ الفَلكِ الكُسوفُ، فإنَّه يُدرك بالحِسابِ؛ لأنَّه مبْنِي على
سَيرِ الشَّمسِ والقَمرِ، فإذا تَقابَلا وصارَتِ الأرْضُ بينهُما انْكسفَ القَمرُ؛
لأنَّ الأرْضَ تُظلِّل عَليهِ وتحْجُب عَنه شُعاعَ الشَّمسِ، ويكون هذا في لَيالي
الإبْدَارِ في الرَّابعِ عَشَر أو الخامِسِ عَشَر، وكُسوفُ الشَّمس يكون في
لَيالِي الاسْتِسْرار في آخِرِ الشَّهرِ في تِسْعٍ وعِشرينَ، وَثلاثينَ، حينمَا
يَجتَمعُ النَّيِّرانِ، فيكون القمَرُ تَحتَ الشَّمسِ.